اعترافات دولية متسارعة بمغربية الصحراء تعري وهم "الجمهورية الصحراوية" وتضع الجزائر في مأزق تاريخي

سبتمبر 26, 2025 - 14:20
 0
اعترافات دولية متسارعة بمغربية الصحراء تعري وهم "الجمهورية الصحراوية" وتضع الجزائر في مأزق تاريخي

منذ ما يقارب نصف قرن، أنفقت الجزائر بسخاء ملايير الدولارات على مشروع وهمي اسمه "الجمهورية الصحراوية المزعومة"، وصورت لشعبها منذ ذلك الزمن أن هذا الاستثمار السياسي سيجعل منها قوة إقليمية قادرة على فرض إرادتها في المنطقة. لكن مع مرور الوقت، تبين أن كل تلك الأموال لم تكن سوى ريع ضخم أُغدق على قادة البوليساريو وصفقات مشبوهة لشراء ولاءات محدودة هنا وهناك، في حين ظل الشعب الجزائري يعاني من أزمات معيشية خانقة وبنى تحتية متآكلة.

لكن اليوم، ومع تراكم الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، يجد النظام الجزائري نفسه أمام حقيقة صادمة، وهي أن العالم يتجه أكثر فأكثر نحو الاعتراف بمغربية الصحراء، والمغرب يربح المعركة الدبلوماسية بخطى ثابتة، بينما خصومه عالقون في متاهة الشعارات البالية. المغرب لم يكتفِ باعترافات القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وإسبانيا، بل بنى شبكة ممتدة من الدعم تشمل إفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي..

 قد يسخر البعض من قيمة هذه الاعترافات (الدول الصغيرة)، لكنهم يجهلون القاعدة الأساسية داخل الأمم المتحدة، فمثلا صوت بالاو الصغيرة يساوي صوت إسبانيا الكبرى، وصوت ميكرونيزيا يعادل صوت روسيا، وصوت بابوا غينيا الجديدة يوازي صوت فرنسا. وعليه، فالمعادلة واضحة، والشرعية الدولية تُبنى بالأصوات لا بعدد السكان أو حجم الأرض.

وحين تفتتح دول إفريقية وآسيوية قنصليات في العيون والداخلة، فهي لا تمنح المغرب فقط اعترافًا رمزيًا، بل تضيف لبنة إلى بناء قانوني ودبلوماسي يصعب الطعن فيه. وعندما تتبنى دول الكاريبي والمحيط الهادي مواقف داعمة، فهي تمنح المغرب قوة عددية في الجمعية العامة ولجان الأمم المتحدة، حيث لا تسود لغة الكبار فقط، بل تحسم الأمور عبر الأغلبية. بهذا التراكم الذكي، أصبح المغرب يمتلك شبكة عالمية تجعل أي قرار معادٍ له في المحافل الدولية شبه مستحيل.

في المقابل، تعيش الجزائر مأزقًا مزدوجًا: داخليًا، يزداد الغضب الشعبي من الجنرالات الذين بددوا ثروات الغاز على مشروع انفصالي خاسر، بدلًا من استثمارها في تنمية الاقتصاد وخلق فرص الشغل للآلاف من الشباب العاطلين، وخارجيًا، تراكم دبلوماسيتها فشلا ذريعا متواصلا في تحقيق أي اختراق حقيقي، مكتفية بمحاولات شراء المواقف عبر الرشاوى، أو شن حملات عبر ذباب إلكتروني لا يملك سوى السخرية والتهوين من إنجازات المغرب. لكن هذه الأساليب لا تغير من الحقائق شيئًا، لأن الجزائر بكل بساطة تخسر الأرض والشرعية معًا، بينما المغرب يربح الاثنين بخطوات ثابتة.

اليوم، المغرب لم يعد في موقع الدفاع، بل صار في موقع المبادرة. فكل اعتراف جديد، وكل قنصلية تُفتح، وكل موقف داعم يُعلن، يزيد من عزلة الجزائر ويفضح وهم "تقرير المصير" الذي تحاول بيعه منذ عقود. أما نظام الكابرانات، فلم يتبق له سوى الصراخ عبر إعلامه الرسمي أو إطلاق حملات تشويه عبر وسائل التواصل، وهي أدوات تكشف أكثر مما تستر. 

وبينما يصر المغرب على التقدم بالشرعية والعمل المؤسساتي، تواصل الجزائر حرق أعصابها في مواجهة معركة خاسرة.