بعد فشل الضغط على مدريد.. الجزائر تُطأطئ الرأس وتبون يستعد لإعادة العلاقات مع إسبانيا بزيارة رسمية

في تطور يعكس تغيرًا واضحًا في لهجة الجزائر بعد سنوات من التصعيد، كشفت صحيفة إسبانية عن استعداد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للقيام بزيارة رسمية إلى مدريد خلال شهر دجنبر المقبل، وذلك مباشرة بعد انتهاء الاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، خطوة اعتبرها مراقبون “عودة اضطرارية” من الجزائر، خصوصًا وأن مدريد لم تتراجع قيد أنملة عن دعمها لمغربية الصحراء.
وبحسب صحيفة “ذا أوبجكتيف” الإسبانية، فإن رئيس الوزراء بيدرو سانشيز يتهيأ لاستقبال تبون في محاولة لإعادة الدفء إلى العلاقات الثنائية، بعدما ظلت الجزائر تقاطع مدريد منذ 2022 بسبب الموقف الإسباني الواضح من الصحراء المغربية.
وتؤكد المصادر الدبلوماسية أن الحكومة الإسبانية ستُصادق قريبًا على تعيين راميرو فرنانديز باتشييير سفيرًا جديدًا لدى الجزائر، في خطوة تمهيدية قبل الإعلان الرسمي عن الزيارة.
وتشير الصحيفة إلى أن الدبلوماسي الإسباني المخضرم، الذي يشغل حاليًا منصب سفير بلاده في بولندا، يستعد لأداء مهامه الخارجية الرابعة، في وقت تعتبر فيه مدريد أن عودة العلاقات مع الجزائر مطلوبة، ولكن ليس بثمن التراجع عن موقفها الداعم للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
ويُذكر أن الرئيس تبون، ومنذ وصوله إلى الحكم سنة 2019، لم تطأ قدماه مدريد ولو مرة واحدة، رغم قيامه بجولات أوروبية شملت البرتغال وإيطاليا وسلوفينيا.
أما آخر زيارة لرئيس الحكومة الإسبانية إلى الجزائر فكانت سنة 2020، قبل أن تنفجر الأزمة الدبلوماسية بين البلدين في 2022 حين أعلنت مدريد دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي المغربية.
ومنذ ذلك الحين، أقدمت الجزائر على سحب سفيرها وتعليق معاهدة الصداقة الموقعة سنة 2002، وأطلقت سلسلة تصريحات نارية ضد إسبانيا، لكن الواقع الدبلوماسي اليوم – حسب المراقبين – يؤكد أن الجزائر وجدت نفسها مضطرة لإعادة ربط الخيوط مع مدريد، حتى وإن لم تحصل على أي تنازل يتعلق بملف الصحراء، الذي بات محسومًا بشكل شبه نهائي لصالح المغرب على المستوى الدولي.
ويرى محللون أن توقيت الزيارة ليس بريئًا، خاصة أنها تأتي بعد القمة المغربية–الإسبانية، ما يعكس محاولة من الجزائر لتدارك العزلة التي خلّفها موقفها من قضية الصحراء، وإظهار حضور دبلوماسي ولو متأخر، رغم استمرار مدريد في تثبيت موقفها الداعم لمغربية الصحراء دون رجعة.