تحقيق صادم.. مسؤولون وأثرياء من المغرب والجزائر يتخلون عن أبنائهم القاصرين عمدا بإسبانيا

تواصل قضية ما بات يُعرف إعلامياً في إسبانيا بـ "الميناس إيراسموس" إثارة جدل واسع، بعدما كشفت تحقيقات الشرطة الوطنية أن عدداً من القاصرين المغاربيين الذين يقدمون أنفسهم كـ"قُصّر غير مصحوبين" ليسوا في الحقيقة إلا أبناء عائلات ميسورة من المغرب والجزائر، جرى إرسالهم بطريقة مدروسة للاستفادة من الإعانات الاجتماعية التي تخصصها الدولة الإسبانية لهذه الفئة.
وحسب ما أورده تقرير لصحيفة "لا راثون" الإسبانية، فإن التفاصيل التي لفتت انتباه المحققين كانت غريبة منذ البداية: هواتف "آيفون" حديثة، حقائب فاخرة، وأظافر مصفّفة بعناية لدى الفتيات… مظاهر لا تنسجم إطلاقاً مع صورة القاصرين الذين يفترض أنهم وصلوا في وضعية هشاشة ويبحثون عن حماية.
التحقيق الذي تباشره وحدة مناهضة شبكات الهجرة غير النظامية (UCRIF) كشف أن الأسر الثرية تسافر إلى إسبانيا بتأشيرات سياحية، تقضي عطلة قصيرة، ثم تترك أبناءها في مراكز الشرطة مدّعين أنهم "بدون عائلة" للحصول على صفة "قاصر غير مصحوب"، قبل نقلهم إلى مراكز الإيواء أو الشقق المحمية.
الشرطة لاحظت أيضاً أن هؤلاء "القاصرون" كانوا يتلقون زيارات منتظمة من عائلاتهم، ويتواصلون معهم بشكل طبيعي عبر الهاتف، ما زاد من الشكوك ودفع إلى تعميق البحث، قبل تفكيك الخطة بالكامل ضمن عملية أطلق عليها اسم "عملية سويسرا" في إشارة إلى العائلات الأوروبية التي كانت ترسل أبناءها لهذا البلد طلباً لأفضل تعليم.
وتفيد المصادر ذاتها أن الملفات التي فتحتها النيابة العامة تتضاعف بسرعة في مناطق كفالنسيا وملقة وأليكانتي، حيث لوحدها الأخيرة تضم حوالي مائة حالة قيد التحقيق، في وقت تشير المعطيات إلى أن بعض الآباء من الطبقة الثرية، من بينهم سياسيون جزائريون ورجال أمن مغاربة، لجأوا إلى هذا السيناريو لضمان مستقبل أفضل لأبنائهم ولو عبر التحايل على القانون.
وتتسبب هذه الظاهرة في ضغط كبير على مراكز إيواء القاصرين في إسبانيا، التي تجد نفسها مضطرة لاستيعاب هؤلاء الشبان رغم الشبهات الكبيرة حول وضعيتهم الاجتماعية الحقيقية، ما يجعل الأمر عبئاً إضافياً على منظومة الرعاية الإسبانية، بينما يتمتع المعنيون بالأمر بكافة شروط العيش الكريم في بلدانهم الأصلية.