تزوجها "سنان الحليب".. دعوات للزواج بالفتيات الصغيرات وترك نساء التسعينات في مواجهة العنوسة

تثير الدعوات التي انتشرت خلال الأيام الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي موجة نقاش واسعة، بعدما أطلقت مجموعات شبابية مغربية شهيرة على فيسبوك حملة تحث الشباب المقبلين على الزواج على اختيار زوجات لا يتجاوز سنهن 18 سنة، أو 20 سنة في أقصى الحالات، مع الدعوة الصريحة إلى ترك كل من تجاوزت هذا العمر لـ“تواجه مصير العنوسة”.
وخلقت هذه الحملة المثيرة التي تحمل اسم “تزوجها سنان الحليب” ردود فعل متباينة، خاصة أنها جاءت بصياغات يظهر فيها قدر من الاستهزاء والتهكم، وتوظف عبارات وسيناريوهات متخيلة تظهر كل من تجاوزت عتبة العشرين في صورة المرأة “المستهلكة عاطفيا”، والتي قضت أغلب سنوات عمرها في علاقة مع الرجل "الآلفا" قبل أن يقع "السيݣما في الفخ ويتزوج بها.
ولم يقتصر انتشار هذه الدعوات على مجموعات مجهولة، بل وجد صداه لدى بعض المؤثرين الذين أبدوا دعمهم لها، من بينهم “صابر لايف” الذي ظهر سابقا في الوثائقي المعروف “ثورة الفيتنس المغربي” رفقة صديقه عبد الإله هبات، حيث زاد هذا الدعم زاد من حجم الجدل، إذ اعتبره البعض تكريسا لنظرة سطحية تقيم المرأة بسنها بدل شخصيتها ومسارها، فيما رأى آخرون أن الشباب بدورهم يعبرون عن تفضيلاتهم ولا يمكن الحجر عليها.
في المقابل، خرجت ناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات حادة لهذه الدعوات، مؤكدات أن العمر ليس معيارا للحياة الزوجية، وأن الحديث عن “إقصاء” فتيات ما بعد العشرينيات والثلاثينيات يعكس تفكيرا متجاوزا للواقع، حيث ذهب بعضهن أبعد من ذلك حين أكدن أن المرأة العاملة، المستقلة ماليا، والقادرة على امتلاك منزل وسيارة، بإمكانها "شراء" الزوج الذي يناسبها “بشروطها”، معتبرات أن من يقيس قيمة المرأة بسنة ولادتها يعاني ضحالة فكرية.
ودفع النقاش الذي تفجر بين الطرفين بمختصين إلى التأكيد على أن الزواج ليس سباقا نحو الأصغر سنا، بقدر ما هو توافق بين شخصين قادرين على بناء حياة مستقرة، وأن الخلاف حول السن يعكس في جزء منه تحولات اجتماعية يعيشها المجتمع المغربي، تتداخل فيها متغيرات اقتصادية وثقافية ونفسية.
غير أن ما يثير القلق في مثل هذه الحملات هو تحولها من مجرد آراء فردية إلى دعوات جماعية ذات نبرة إقصائية، تسعى إلى التحريض ضد فئة كاملة من النساء بسبب عنصر بيولوجي لا علاقة له بجوهر العلاقة الزوجية، حيث تغذي مثل هذه الخطابات النظرة الدونية للمرأة، وتدفع نحو خلق صراع مفتعل بين الأجيال، بدل تعزيز الوعي بقيم الاحترام والتكامل والاختيار الحر، ما يستوجب التصدي لها، وعدم السماح بتحويل المنصات الاجتماعية إلى فضاء يشرعن التمييز ويهدم أسس الاحترام المتبادل الذي يقوم عليه أي مجتمع سليم.