خطة مدروسة.. صاحبة أغلى طلاق في المغرب تكشف عن أسلوب "هندسة الفوضى" الذي جعلها تتصدر "السوشيال ميديا"

سبتمبر 12, 2025 - 22:10
 0
خطة مدروسة.. صاحبة أغلى طلاق في المغرب تكشف عن أسلوب "هندسة الفوضى" الذي جعلها تتصدر "السوشيال ميديا"

تمكنت سكينة بنجلون، المعروفة إعلاميا بصاحبة أغلى طلاق في المغرب في ظرف وجيز لم يتجاوز شهرا واحدا، من إثارة جدل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن بصمت حضورا لافتا على تطبيق "تيك توك" الذي يفوق عدد مستخدميه في المغرب تسعة ملايين شخص، حيث نجحت بنجلون التي عرفت نفسها كصانعة محتوى مواطن في مجال الحوكمة الأسرية وحقوق النساء، في تحويل مواضيع دقيقة وحساسة إلى مادة نقاش شعبي واسع، بعدما لامست قضايا عادة ما تترك في رفوف النصوص القانونية.

ولم تكن المواضيع التي اختارتها بنجلون مجرد "بوز" عابر،  فتحت النقاش حول المادة 49 من مدونة الأسرة الخاصة بتقاسم الممتلكات، وألقت الضوء على معضلات مثل استغلال الأطفال، الإقصاء الأبوي، الحوكمة الأسرية، العدالة في حالات الطلاق، بل وحتى الحرب الاقتصادية المرتبطة بالعنف الأسري، إذ استطاعت بأسلوبها المبسط والمباشر، أن تجعل تلك العناوين القانونية الجافة مادة يفهمها ويواكبها الجمهور، فكان الحصاد رقما قياسيا تجاوز 44 مليون مشاهدة، وأكثر من 170 ألف متابع جديد، و6.5 مليون مشاهدة للبث المباشر خلال 28 يوما فقط.

وتكشف الأرقام التي نشرتها بنجلون على حسابها أن غالبية جمهورها ينتمي للفئة العمرية بين 25 و40 سنة، بنسبة 37%، فيما يتوزع المتابعون بين الداخل بنسبة 64% والجالية المغربية بالخارج بنسبة 36%، حيث عزز هذه التغطية الرقمية بثوث مباشرة حصدت مئات الآلاف من المشاهدات، أبرزها بث 23 غشت الذي تجاوز 377 ألف مشاهدة، ما جعلها ضمن الحسابات القليلة التي حققت عشرات الملايين من التفاعلات في مجال قانوني يهم المواطن، علما أن الرقم المعتاد في المغرب لا يتجاوز سقف خمسة ملايين مشاهدة في الشهر.

ولم يكن نجاح سكينة مجرد صدفة، بل تصفه المهندسة المعمارية بأنه ثمرة لما أسمته بـ"هندسة الفوضى"، أي توظيف الاستفزاز وكسر القوالب لكشف الثغرات القانونية وجر الجمهور إلى التفكير في قضايا جوهرية، إذ تعتبر أن ما يبدو للبعض تفاهة ليس سوى مدخل بيداغوجي مدروس لتبسيط الخطاب القانوني وتحويله إلى لغة قريبة من المواطن، كما أنها تؤكد بأنها نجحت من خلال هذا الأسلوب في خلق فضاءات حوارية مفتوحة، جمعت فيها المواطنين عبر البث المباشر للنقاش وتبادل التجارب وطرح التساؤلات، مما رسم صورة جديدة للنقاش العمومي والسياسي في المغرب.

ويرى متتبعون أن الأثر المجتمعي لهذه التجربة تجاوز الأرقام الرقمية، إذ منحت آلاف النساء صوتا مسموعا في قضايا الطلاق وتقاسم الممتلكات، وساهمت في رفع الوعي بأهمية توثيق الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج، كما دفعت نحو مقاربة أكثر عدلا في حضانة الأطفال والحد من الإقصاء الأبوي، وهو ما دفع بترسيخ قناعة لدى متابعيها بأن القانون ليس حكرا على أحد، بل يمكن أن يصبح أداة تغيير اجتماعي إذا قدم في قالب مفهوم.

ولم تتوقف سكينة بنجلون عند حدود صناعة المحتوى، بل أعلنت عن تحول جديد في مسارها، حيث اختارت أن تخوض تجربة الاستشارة في الاستراتيجيات السياسية، لتجمع بين التخطيط والتواصل والانخراط المواطن، معتبرة أن الأزمات التي واجهتها شكلت فرصة لفتح أبواب جديدة، توجت أخيرا بإطلاق موقعها الإلكتروني الرسمي، ليكون منصة إضافية لنشر أفكارها ومبادراتها.

وتكون بهذه الخطوات، صاحبة أغلى طلاق في المغرب قد نجحت في تحويل محنتها الخاصة إلى مشروع مواطن رقمي، يزاوج بين الجرأة القانونية والإبداع الرقمي، ويعيد صياغة علاقة المغاربة بالقانون والنقاش العمومي، في زمن يتطلع فيه المغاربة إلى تحويل منصات التواصل الاجتماعي إلى رقعة جديدة لصناعة الرأي وتشكيل الوعي.