عثمان معما.. الفتى المغربي الذي حرّر الحلم العربي من المستحيل

أكتوبر 21, 2025 - 14:25
 0
عثمان معما.. الفتى المغربي الذي حرّر الحلم العربي من المستحيل

في لحظة كروية ستبقى محفورة في الذاكرة، خطف اللاعب المغربي "عثمان معما" أنظار العالم بعد تتويجه بجائزة أفضل لاعب في كأس العالم للشباب 2025 التي احتضنتها تشيلي، ليمنح الكرة المغربية والعربية والإفريقية أول لقب من نوعه في التاريخ.

 هذا التتويج  لم يكن مجرد إنجاز فردي عابر، بل حدث استثنائي حمل في طياته دلالات عميقة تتجاوز المستطيل الأخضر، لأنه أعاد رسم حدود الممكن في ذهن كل شاب عربي وإفريقي يحلم بالوصول إلى القمة.

قاد "عثمان معما" منتخب المغرب الشاب نحو المجد، فكان القلب النابض والمحرك الأساسي لكل المحاولات الهجومية التي ترجمتها "الأسود" إلى أهداف حقيقية منحتهم التتويج العالمي الأول. و بأدائه الفريد ولمساته الساحرة، جمع بين المهارة والذكاء واللياقة العالية، وأدهش المراقبين بطريقة تعامله مع الكرة وكأنه يكتب فصلاً جديداً في تاريخ الموهبة المغربية. وسائل إعلام أوروبية وصفت أداءه بالظاهرة، في وقت أشارت فيه صحيفة "ماركا" الإسبانية إلى أن لمساته تذكّر بلمسات كريستيانو رونالدو، لما يجمعه من سرعة، وقوة بدنية، وثقة بالنفس جعلته يبدو أكبر من سنه داخل الملعب.

عثمان لم يظهر من فراغ، فقد تدرّج في مدرسة نادي مونبلييه الفرنسي قبل أن ينتقل إلى واتفورد الإنجليزي، وهناك صقل موهبته أكثر وفرض نفسه كأحد الوجوه الواعدة في كرة القدم الأوروبية. وخلال هذه البطولة العالمية، قدّم أربع تمريرات مركزة وسجّل أهدافاً حاسمة، لكنه قبل كل شيء قدّم دروساً في الالتزام والروح الجماعية، فكان يركض من أجل الفريق ويحتفل من أجل الوطن. بعد التتويج، قال جملة بسيطة لكنها تختصر كل شيء: "نهدي هذا اللقب لشعب لم ينم من أجلنا"، وهي عبارة تلخّص ما يمثّله هذا الجيل الجديد من حب وانتماء وثقة في النفس.

إنجاز "معما" ليس مجرد فوز بجائزة، بل كسرٌ لحاجز نفسي ظلّ لعقود يحاصر المواهب الإفريقية والعربية في خانة "المشاركة المشرفة". اليوم تغيّر المعنى، وأصبح الفوز ممكناً، والتميّز في أعلى المستويات حقيقة لا خيالاً. "عثمان معما" فتح أعين الشباب العربي والإفريقي على فكرة جديدة: أن الطريق إلى العالمية لا يمر فقط عبر الحظ أو الانتماء لأندية أوروبية كبرى، بل عبر العمل والمثابرة والجدية. لقد بعث الأمل في أن الموهبة حين تُصقل بالانضباط يمكنها أن تهزّ العالم.

وفي الوقت الذي احتفى فيه العالم بموهبته، بدأ "عثمان" فصلاً جديداً من التحديات، إذ سيحاول ترجمة هذا الإنجاز في عالم الكبار، حيث لا مكان إلا لمن يواصل التطور يوماً بعد يوم. عليه الآن أن يثبت أن بريق المونديال لم يكن مجرد لحظة مجد عابرة، بل بداية مسيرة نجم سيحفر اسمه في سماء كرة القدم العالمية. ذلك أن الوصول إلى القمة أمر صعب، لكن الأصعب هو البقاء فيها، وهو ما يبدو أن "عثمان معما" مستعد له بكل وعي وإصرار.

إن قصة عثمان هي قصة جيل جديد من الشباب المغربي الذي يرفض الانكسار ويؤمن بأن الحلم مشروع وأن "المستحيل" كلمة بلا معنى أمام من يملك الإرادة. ومن اليوم، يمكن القول إن العالم عرف اسماً جديداً في كرة القدم العالمية، اسماً مغربياً يسطع بوهج خاص، اسمه "عثمان معما"، النجم الذي أعلن من الشيلي أن زمن المجد العربي والإفريقي قد بدأ.