قُضيَ الأمر.. نظام الكابرانات يشرع في تهييء الجزائريين لتقبّل حسم ملف الصحراء لصالح المغرب

لم يكن العنوان الذي تصدر الصفحة الرئيسية لجريدة "الخبر" الجزائرية الموالية لنظام الكابرانات، في عددها الصادر اليوم الخميس 23 أكتوبر الجاري، صدفة ولا مجرد تحليل سياسي عابر، حين كتبت بالبنط العريض: "الجزائر قد لن تصوت على مشروع القرار الأممي"، في إشارة مباشرة إلى القرار المرتقب حول الصحراء المغربية.
العنوان بدا للوهلة الأولى غامضًا، لكنه في العمق تمهيد مدروس من الإعلام الرسمي الجزائري لتقبّل الهزيمة ولتهيئة الشارع المحلي من أجل تقبل حقيقة أن ملف "الصحراء" الذي ضخّت لأجله مليارات الدولارات من أموال الشعب على امتداد 50 سنة، قد انتهى أمميًا لصالح المغرب.
ففي الوقت الذي انسحبت فيه الجزائر العام الماضي من التصويت على القرار الأممي رقم 2756، تؤكد صحيفة "الخبر" اليوم أن موقفها المقبل سيكون بلا تأثير، لأنها ببساطة لا تملك حق النقض (الفيتو)، ولا تمتلك أي ورقة ضغط على موازين القوى داخل مجلس الأمن، حيث تميل الكفة بوضوح إلى واشنطن وحلفائها الذين يعتبرون مبادرة الحكم الذاتي المغربية الحل الواقعي والنهائي للنزاع.
وبهذا العنوان الصريح، تكون يومية "الخبر" قد كسرت جدار الإنكار الذي لازم نظام العسكر الجزائري منذ عقود، في اعتراف مبطن بالهزيمة الدبلوماسية أمام المسار الأممي الذي صار محسوماً لصالح المغرب. وهو ما يعكس حجم الخوف داخل دوائر الحكم من رد فعل الشارع الجزائري حين يكتشف أن "القضية الوطنية الأولى" التي رُوّج لها لعقود من الزمن، لم تكن سوى ورقة سياسية لتبرير الفشل الداخلي.
لقد أنفقت الجزائر، طيلة نصف قرن، خيراتها من الغاز والنفط في معارك عبثية: تمويل جبهة البوليساريو، شراء ولاءات هنا وهناك، ومحاولات يائسة لعزل المغرب وعرقلة مساره التنموي. بينما ظل الشعب الجزائري يعاني الفقر والبطالة والطوابير والتهميش في بلد يزخر بالثروات التي لم تصل يومًا إلى جيوبه.
أما المغرب، فقد مضى بخطى ثابتة نحو المستقبل، بنى اقتصاده، وطوّر بناه التحتية، وعزّز حضوره الدبلوماسي في القارة والعالم. اليوم، المغرب يحصد ثمار عمل دؤوب وواقعية سياسية، فيما الجزائر تجد نفسها أسيرة خطاب خشبي فقد بريقه حتى داخل حدودها.
الاجتماع المقبل لمجلس الأمن لن يكون كغيره، بل سيكون تاريخيًا بكل المقاييس، لأنه سيُعلن رسميًا عن مرحلة جديدة: مرحلة تثبيت الحكم الذاتي كحل أممي نهائي، في حضور الجزائر التي لن يكون أمامها سوى تسجيل احتجاج رمزي بلا وزن ولا أثر.
وعموما، يمكن القول أن عنوان جريدة "الخبر" الجزائرية ليس إلا مرآةً لارتباك السلطة، ورسالة استباقية لتهيئة الرأي العام لتقبّل النهاية المحتومة لقضية استنزفت البلاد والعباد. إنه إعلان صامت عن سقوط الوهم، وعن لحظة الحساب التي طال انتظارها.