مصحات خاصة في قفص الاتهام.. قوافل طبية خيرية أم قنطرة لنهب أموال التأمين الصحي؟

في الأشهر الأخيرة، انتشرت في عدد من الجماعات القروية النائية وكذا الأحياء الهامشية قوافل طبية منظمة من طرف مصحات خاصة، تحمل شعارات “العمل الإنساني” و”خدمة سكان المغرب العميق”.
في الظاهر، تبدو هذه المبادرات نبيلة وتستحق التنويه، لكن في العمق، تكشف معطيات ميدانية متداولة عن خيوط شبكة معقدة لاستغلال نظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO)، وتحويله إلى مصدر ربح ضخم غير مشروع.
مصادر محلية متطابقة أكدت أن عدداً من هذه القوافل تبدأ عملها بعمليات فحص روتينية في القرى المستهدفة، قبل أن تنتقل إلى ما يُشبه عملية “فرز ممنهجة”، يتم فيها حصر الساكنة المتوفرة على بطاقة AMO — أي المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي — لتصبح هذه الفئة هي الهدف الفعلي للمصحات.
بعد ذلك، يُطلب من بعض الأشخاص، رغم أنهم في صحة جيدة ولا يعانون من أي مرض، التوجه إلى مقر المصحة في المدينة لإجراء فحوصات “متقدمة”، للاطمئنان أكثر على حالتهم الصحية، ومشددين على أنها مجانية تمامًا، لأن التأمين الصحي “سيتكلف بكل شيء”.
غير أن الحقيقة، بحسب إفادات بعض العاملين في القطاع الصحي والعارفين بخبايا الميدان، أكثر تعقيدًا، فبعد تسجيل أسماء المستفيدين في النظام، يتم تمرير ملفات طبية تتضمن فحوصات باهظة أو حتى تدخلات جراحية “وهمية” لا حاجة إليها أصلا، بهدف تحصيل مبالغ مالية كبيرة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
هذه العمليات — التي وُصفت بـ“الممنهجة” — تكلف الصندوق مئات الملايين سنويًا، في وقت تعاني فيه منظومة التغطية الصحية من عجز مالي متزايد.
عدد من المراقبين وصفوا ما يجري بأنه “تحايل طبي منظم”، يستخدم واجهة العمل الاجتماعي لاستنزاف المال العام، مطالبين بفتح تحقيق عاجل لتحديد المصحات المتورطة، خاصة أن بعض القوافل تتكرر سنويًا في المناطق نفسها.