هل سيسير المغرب على نفس النهج.. قرار منع "الغرامة" يثير جدلا واسعا بموريتانيا

يستمر الجدل في موريتانيا حول قرار وزارة التجارة والسياحة القاضي بمنع رمي النقود في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، وهو التقليد المعروف محليا بـ"الزَّرْگ"، والذي يشبه ما يسمى في المغرب بـ"الغرامة". القرار أثار ردود فعل متباينة، خاصة داخل الأوساط الفنية التي تُعد المتأثر الأكبر اقتصاديا بهذا المنع.
ورغم تأكيد الحكومة أن الخطوة تستهدف "محاربة مظاهر التبذير والاختلالات القانونية"، وأن القرار لا يستهدف فئة فنية أو اجتماعية بعينها، إلا أن كثيرا من الفنانين الشعبيين اعتبروا أن المنع يهدد مصدر رزقهم الأساسي.
في المقابل، خرجت الفنانة الشهيرة المعلومة منت الميداح بوجهة نظر مغايرة، حيث دعمت القرار بقوة، منتقدة ما وصفته بـ"تحويل الفنان إلى وسيلة يُرمى عليها المال بطريقة تمسّ كرامته". وقالت إن من يحترم الفنان يمنحه أجره وفق عقد واضح، لا أن يضعه في موقف يشبه "الامتهان".
وأضافت منت الميداح أن رمي النقود على الفنانين قد يخلق حساسية اجتماعية خطيرة في بلد يعاني من الفقر والبطالة، معتبرة أن هذه الممارسات قد تشعل "الغيرة والمشاحنات وتغذي مشاعر الاحتقان".
لكن في الجهة الأخرى، دافع فنانون كثر عن استمرار تقليد "الزَّرْگ"، مؤكدين أن الأجر الذي يحصلون عليه عن إحياء الأعراس يبقى ضعيفاً، وأن رمي النقود يُشكّل تعويضاً أساسياً لهم وللفرق الموسيقية المرافقة. وقال بعضهم إن “منع الزرگ” يعني ببساطة قطع أرزاق العديد من الفنانين، مرجحين أن يؤدي القرار إلى اعتزال البعض أو اضطرار آخرين للهجرة.
كما طالب فنانون الحكومة بالتراجع عن القرار، أو على الأقل إعادة النظر فيه بطريقة تراعي خصوصية القطاع الفني ومداخيله الهشة.
وبين من يعتبر القرار خطوة "تصحيحية" هدفها الحد من الإسراف وحماية الذوق العام، ومن يراه "تضييقا" على الفنانين وتجفيفا لموردهم المالي الوحيد، يبقى المشهد مفتوحا على مزيد من النقاش، وسط انتظار كيفية تنزيل هذا المنع على أرض الواقع، ومدى استعداد السلطات لتطبيقه دون استثناءات.
وتطرح هذه التطورات في موريتانيا تساؤلات لدى الرأي العام المغربي حول ما إذا كانت السلطات بالمملكة قد تفكر في نهج مشابه، خاصة وأن ظاهرة رمي النقود باتت تبرز بشكل لافت في بعض الأعراس المغربية خلال السنوات الأخيرة، خصوصا في مناطق الجنوب والبوادي.
ورغم أن هذه الممارسة لا تزال محدودة ولا ترقى إلى مستوى الانتشار الواسع كما هو الحال في موريتانيا، إلا أن النقاش حول مظاهر البذخ في الاحتفالات وارتفاع تكاليف الأعراس يزداد داخل المجتمع المغربي.
فبين من يرى فيها “تشجيعا على الرياء والتفاخر”، ومن يعتبرها “مجرد تعبير عن الفرح والكرم”، يبقى التدخل الرسمي غير مطروح حاليا، لكن مراقبين يرجّحون إمكانية فتح نقاش وطني حول العادات المرتبطة بالاحتفال، خصوصا في ظل دعوات متكررة لترشيد النفقات والتقليل من المظاهر الاستعراضية المكلفة.