ابتكارات واعدة في علاج السكري: من زرع الخلايا إلى الأنسولين الذكي

تتسارع الأبحاث الطبية حول العالم في سباق مستمر لإيجاد حلول فعالة لمرض السكري، الذي لا يزال يصنّف كأحد أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا عالميًا. ورغم أن العلاجات المتوفرة حاليًا تركز على السيطرة على الأعراض وتقليل المضاعفات، إلا أن الأمل في الوصول إلى علاج جذري يتجدد بفضل تطورات علمية واعدة تم الكشف عنها مؤخرًا تزامنًا مع اليوم العالمي للسكري.
طوّر باحثون في جامعة كورنيل الأمريكية نظامًا قابلًا للزرع لعلاج السكري من النوع الأول، يعتمد على تغليف خلايا مفرزة للأنسولين بطريقة تتيح لها البقاء دون الحاجة إلى تثبيط المناعة، وذلك من خلال تزويدها بالأكسجين، ما يفتح الباب أمام علاجات طويلة الأمد لأمراض مزمنة. ويأتي هذا الابتكار استجابةً لمشكلة جوهرية في النوع الأول من السكري، حيث يدمر الجهاز المناعي خلايا البنكرياس المسؤولة عن إنتاج الأنسولين.
بالتوازي مع ذلك، توصل فريق بحثي في كندا إلى علاج تجريبي جديد يعتمد على زرع خلايا جذعية متخصصة تُحقن في الجسم وتستقر في الكبد، حيث تبدأ بإنتاج الأنسولين ذاتيًا. وقد أظهرت النتائج المبكرة أن 10 من أصل 12 مريضًا بالنوع الأول من السكري توقفوا عن استخدام الأنسولين بعد عدة أشهر فقط من تلقي العلاج.
وفي سياق آخر، أطلق باحثون من جامعة إنديانا ما يُعرف بـ"الأنسولين الذكي"، وهو مركب يجمع بين الأنسولين والجلوكاجون في جزيء واحد، ويستجيب تلقائيًا لمستويات السكر في الدم. هذا التطور يُبشر بنظام أكثر دقة وأمانًا في ضبط سكر الدم، خاصة في الحالات التي قد يحدث فيها انخفاض أو ارتفاع مفاجئ في نسبة الجلوكوز.
أما بالنسبة لمرضى النوع الثاني من السكري، فقد أظهر دواء جديد طوّره باحثون في السويد نتائج واعدة في خفض السكر وتحفيز حرق الدهون دون التأثير السلبي على الشهية أو كتلة العضلات، وهو ما يميز هذا العلاج عن أدوية GLP-1 المعروفة التي غالبًا ما تسبب فقدان شهية أو ضعفًا عضليًا. وتشير التجارب السريرية الأولية إلى أن الدواء جيد التحمل لدى المرضى، ما يمهّد لتوسيع نطاق استخدامه مستقبلاً.
رغم أن هذه الابتكارات لا تمثل حتى الآن حلولًا نهائية للشفاء من السكري، فإنها تعكس تحولًا نوعيًا في فهم المرض ومعالجته، وتمنح ملايين المرضى حول العالم أملًا جديدًا في مستقبل قد يشهد ثورة حقيقية في الرعاية الصحية.