بعد مضي نصف قرن.. سويسرا ترفع السرية عن وثائق حساسة تورط الجزائر في مؤامرات خطيرة استهدفت المغرب وموريتانيا

بعد مضي أزيد من أربعة عقود، رفعت سويسرا السرية عن مراسلة دبلوماسية صادرة عن سفيرها بالرباط بتاريخ 30 يناير 1978، لتفضح ما لم يُكشف آنذاك، وهو أن حرب الصحراء الغربية لم تكن أبدا نزاعاً عادياً حول الحدود أو تقرير المصير، بل كانت جزءاً من خطة استراتيجية مدروسة بعناية من الجزائر لاستنزاف المغرب وإعادة رسم خريطة النفوذ في شمال إفريقيا.
وارتباطا بالموضوع، وصف السفير السويسري في رسالته الموجهة إلى وزارة الخارجية في بيرن، البوليساريو أنها ليست حركة تحرير كما يُصوَّر في الإعلام، بل أداة في يد الجزائر توظفها لتحقيق هدفين رئيسيين، الأول، الإطاحة بالنظام الموريتاني واستبداله بحكومة موالية للجزائر، لتأمين نفوذها في المنطقة، والثاني، إضعاف الاقتصاد المغربي من خلال دفع المغرب لإنفاق مليارات الدراهم على التسليح والدفاع، بما يرهق ميزانيته ويضعف موقفه أمام أي محاولة جزائرية للهيمنة الإقليمية.
المراسلة كشفت كذلك أن المغرب، رغم كل الضغوط، استطاع الحفاظ على وحدة قراراته وبدد محاولات الاستنزاف الجزائري، بينما موريتانيا قاومت بشجاعة كل محاولات الهيمنة.
وفي جانب آخر، أبرز السفير السويسري تداعيات الحرب على الاقتصاد المغربي، من قبيل تأخر الدولة في دفع مستحقات الموردين، ارتفاع الضرائب والرسوم بشكل تعسفي، وصعوبات كبيرة تواجه الشركات الأجنبية، بما فيها شركات سويسرية وفرنسية وسويدية، ما جعل رجال الأعمال يتحدثون عن "تأثير مشلّ" على نشاطاتهم.
الوثيقة تضع الحرب الصحراوية في سياق أوسع، حيث الصراع على النفوذ الإقليمي، دفع الجزائر إلى توظيف جبهة البوليساريو كواجهة لإعادة رسم موازين القوى في شمال إفريقيا، بينما كانت العواصم الأوروبية تراقب الوضع بحذر، مدركة تعقيداته وتداعياته على الاستقرار الإقليمي.
هذه الوثائق تعيد بحسب مهتمين، كتابة جزء مهم من تاريخ المنطقة، وتكشف أن الملف الصحراوي لم يكن مجرد نزاع محلي، بل ساحة لصراع استراتيجي كبير على الزعامة الإقليمية والاقتصادية في شمال إفريقيا وأفريقيا بشكل عام.