بنعبد الله: وزير في الحكومة يمرّر صفقات لأخيه ولوزير آخر "بشكل عادي"

فجّر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، "محمد نبيل بنعبد الله"، موجةً جديدة من الجدل السياسي خلال لقاء نظمته شبيبة الحزب قبل يومين بمدينة فاس، بعدما وجّه اتهامات مباشرة لأحد الوزراء، دون أن يسميه، مؤكداً أن "وزيراً في الحكومة مرّر صفقات لأخيه ولوزير آخر بشكل عادي"، في إشارة اعتبرها مراقبون الأقوى منذ بداية الولاية الحكومية الحالية.
وارتباطا بالموضوع، كشف "بنعبد الله" خلال لقائه مع شباب حي جنان الورد بمدينة فاس، جوانب عدة حول ما وصفه بـ"الخلل البنيوي" في تدبير الشأن العام، متحدثاً بنبرة حادة عن استفحال "لوبيات المال والفساد" داخل مؤسسات الدولة، مشيرة إلى أن الحكومة الحالية أصبحت، وفق تعبيره، تعبيراً صريحاً عن هذا التداخل الخطير بين المسؤولية العمومية والمصالح الخاصة، مؤكدا أن وزراء ومسؤولين بارزين "يستفيدون من صفقات وطلبات عروض مرتبطة بقطاعات استراتيجية".
في سياق متصل، اعتبر الأمين العام لحزب "الكتاب" أن المغرب يشهد اليوم انسداداً ناجماً عن استمرار نفس الأساليب ونفس الوجوه ونفس المقاربات، رغم موجة الاحتجاجات الشبابية التي اكتسحت مدناً عدة خلال الأسابيع الأخيرة.
وأشار إلى أن هذه الاحتجاجات، رغم سلميتها ومشروعيتها، جرى التعامل معها بمنطق ردعي، حيث "مئات الشباب اليوم إما قيد الاعتقال أو رهن المتابعة فقط لأنهم طالبوا بالتغيير"، مضيفاً أن هذه المقاربة "بالية" ولا يمكن أن تُبنى عليها دولة تسعى إلى نَفَس ديمقراطي جديد.
وأكد بنعبد الله أن التغيير الحقيقي لن يأتي بمجرد الصراخ في الشوارع، رغم أهمية الاحتجاج، بل من خلال الانتقال الواعي من الغضب إلى الفعل السياسي المنظم. واعتبر أن فئة واسعة من الشباب باتت رهينة خطاب اليأس وعدم الثقة، وهو ما يخدم، حسب رأيه، القوى الانتخابية التي تعتمد على المال واستغلال الهشاشة من أجل إعادة إنتاج نفس النتائج، محذراً من أن الامتناع عن المشاركة هو "أكبر هدية تُقدَّم للوبيات التي راكمت الثروة والنفوذ".
كما جدد "بنعبد الله التأكيد على أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي البالي، وتدهور المدرسة العمومية والصحة، ليست أموراً وليدة اليوم لكنها تعمقت بشكل مقلق في ظل الحكومة الحالية، التي قال إنها "تواصل نفس السياسات دون رؤية"، مستشهداً بما اعتبره "أرقاماً قياسية للفساد الانتخابي" في مدينة فاس وغيرها، وباستمرار الصفقات المشبوهة داخل المجالس المنتخبة.
وفي قراءة سياسية أعمق، اعتبر الأمين العام أن المغرب يقف أمام مفترق طرق: إما الاستسلام لمنظومة تُعيد إنتاج ذاتها، أو خوض معركة سياسية جديدة يقودها الشباب.
وقال مخاطباً الحاضرين: "التغيير بين أيديكم، وإذا شاركتم بوعي ومسؤولية، يمكن إسقاط لوبيات المال وفرض بديل نظيف".
كما أكد ذات المتحدث أن حزب التقدم والاشتراكية لا يعد بوعود وهمية ولا بمعجزات، بل يضع أمام الشباب رصيداً نضالياً قائماً على النزاهة والشفافية واحترام الذمة العامة، معتبراً أن هذا الرصيد هو ما يمنح الحزب شرعية مخاطبة الجيل الجديد الباحث عن معنى في السياسة.
وختم "بنعبد الله" حديثه بنبرة تجمع بين التحذير والأمل، قائلاً إن اللحظة التاريخية الراهنة تتطلب شجاعة سياسية وجرأة تنظيمية، وإن الاحتجاج وحده لا يغير الواقع ما لم يتحول إلى قوة اقتراحية وصوت انتخابي قادر على تعديل موازين القوى. وأضاف: "نستطيع أن نحدث المفاجأة… لكن فقط إذا كسر الشباب جدار العزوف، وتوجهوا نحو المشاركة لإعادة الاعتبار للسياسة ولإمكانية التغيير من داخل المؤسسات".