بوريطة يسرد كواليس الليلة التاريخية بالأمم المتحدة وكيف حسم تدخل الملك التصويت لصالح المملكة

قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، في لقاء خاص بثته القناة الثانية، إن الليلة التي شهدت تصويت مجلس الأمن على القرار الداعم لمقترح الحكم الذاتي المغربي بالصحراء كانت «ليلة تاريخية بكل المقاييس»، مؤكدا أن الكواليس التي سبقت هذا الحدث كانت حافلة بالتحركات الدقيقة والاتصالات المكثفة، قادها جلالة الملك محمد السادس شخصيا، ما جعل الكفة تميل في اللحظة الحاسمة لصالح المملكة.
وأوضح بوريطة أن تركيبة مجلس الأمن الحالية جعلت الأمور أكثر تعقيدا من أي وقت مضى، قائلا: «المجلس كان صعبا هذه المرة، لأن تركيبته الحالية معقدة. فعندما نتحدث مثلا عن باكستان، غويانا، الصومال... فكل دولة من هذه لها خلفياتها ومشاكلها الخاصة، ولها كذلك هشاشاتها السياسية، وبالتالي فالأمر لم يكن سهلا أبدا»، مضيفا أن المجلس في تركيبته السابقة كان يضم دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو ما كان يشكل آنذاك عامل توازن مهم، أما اليوم فقد ضم دولا مثل الجزائر، غويانا، باكستان، سلوفينيا، والدنمارك، وهي تركيبة تفرض تعاملا دبلوماسيا من نوع خاص، خاصة وأن بعض هذه الدول لا تربطها بالمملكة علاقات وثيقة.
وأشار الوزير المغربي إلى أنه وحتى على المستوى الأوروبي، لم تكن موازين القوى في صالح المغرب كما في دورات سابقة، قائلا إن «البرتغال وبعض الدول الصديقة لم تعد ضمن التشكيلة، بل حلت محلها دول أوروبية أخرى كالدنمارك وسلوفينيا واليونان، وهو ما تطلب جهدا دبلوماسيا متواصلا لإقناعها بعدالة القضية المغربية»، وفي آسيا، واجهت الدبلوماسية المغربية صعوبات في كسب دعم دول مثل كوريا وباكستان، بينما في أمريكا اللاتينية كانت غويانا وبنما ضمن الأعضاء، وهما دولتان تختلفان في توجهاتهما السياسية، لكن العمل الهادئ والمتواصل أعطى ثماره في نهاية المطاف.
وأكد بوريطة أن الموقف الحاسم جاء من الدول الكبرى دائمة العضوية، وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، التي لعبت أدوارا محورية في دعم التوجه المغربي، وقال إن «هذه الدول، بفضل العمل المباشر الذي قام به جلالة الملك شخصيا، غيرت توجهاتها ودعمت التوجهات الملكية، وهو ما جعلها تشكل الدعامة الأساسية للمرور إلى المرحلة التالية، وهي مرحلة التصويت على القرار».
كما أشاد الوزير بموقف سيراليون، التي وصفها بالدولة الصديقة والمساندة الدائمة للمغرب، مشيرا في المقابل إلى أن موقف بنما كان يحتاج إلى تعامل خاص بسبب حساسية موقعها السياسي، خاصة بعد سحبها اعترافها بالكيان الوهمي قبل سنة فقط، وأضاف: «كنا في البداية أمام 11 دولة، وكان هناك تتبع يومي ومباشر من جلالة الملك، وعند لحظة معينة كنا نملك دعم ست دول فقط، بينما كنا بحاجة إلى تسع، وحينها جاء التدخل المباشر والتفاعل الشخصي من جلالة الملك، وهو ما فك العقدة وأتاح لنا بلوغ التسع أصوات، وبعدها أصبح الحصول على العاشر والحادي عشر سهلا».
وختم بوريطة حديثه بالتأكيد على أن ما تحقق في تلك الليلة لم يكن مجرد انتصار دبلوماسي عابر، بل تتويج لرؤية ملكية بعيدة المدى، ومحصلة لعمل متواصل امتد لسنوات، أثبت فيه المغرب مرة أخرى أن صوته مسموع، وأن قضاياه العادلة تجد صداها في أروقة الأمم المتحدة بفضل القيادة الرشيدة والحضور القوي لجلالة الملك محمد السادس في الساحة الدولية.