تاج يرد على اتهام "بركة" بالتهرب من مسؤوليته الحكومية خلال مواجهة شباب "جيل زاد" في برنامج تلفزيوني

أكتوبر 6, 2025 - 12:15
 0
تاج يرد على اتهام "بركة" بالتهرب من مسؤوليته الحكومية خلال مواجهة شباب "جيل زاد" في برنامج تلفزيوني

أثار تصريح لـ"نزار بركة"، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، خلال حلوله ضيفاً على القناة الثانية، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما أكد أنه يشارك في البرنامج بصفته الحزبية لا الحكومية، الأمر الذي اعتبره الكثير من المتابعين تهربا من المسؤولية.

 وارتباطا بما جرى ذكره، صرح "بركة" لدى استضافته بالبرنامج الحواري "نكونو واضحين"، الذي بث أمس الأحد على القناة الثانية "دوزيم" قائلا: "أنا هنا كأمين عام لحزب الاستقلال"، وهو ما فاجأ العديد من المتابعين الذين كانوا ينتظرون منه مواقف تعكس موقعه كعضو في الحكومة.

التصريح لم يمر مرور الكرام، إذ اعتبره عدد من المتابعين نوعاً من التهرّب من المسؤولية، معتبرين أن "القائد الحقيقي هو من يبقى على ظهر السفينة حين تغرق، وليس أول من يقفز منها". وبين موجة الانتقادات والتأويلات، نشر القيادي الاستقلالي "مصطفى تاج"، رئيس جمعية الشبيبة المدرسية، تدوينة مطولة على صفحته الفيسبوكية، دافع من خلالها بقوة عن أمينه العام، معتبراً أن ما أقدم عليه "نزار بركة" دليل على الشجاعة لا الهروب.

في سياق متصل، استهل "تاج" تدوينته بالقول: "مجرد قبول الأخ نزار بركة دعوة المشاركة في برنامج دوزيم والحوار مع شباب من جيل Z و Y يعبر عن جرأة وشجاعة سياسية خصوصاً في هذه الفترة الحرجة". وتباع قائلا: "أسجل هذه الملاحظة لأنه كان بإمكانه وفي إطار كوطا الحزب أن ينتدب قيادياً شبابياً يناقش الشباب مثله، ولكنه حرص على الحضور شخصياً والتواصل الفعلي مع الشباب بدون تكلف ولا لف ولا دوران".

كما أوضح "تاج" أن تقديم "بركة" بصفته أميناً عاماً للحزب لم يكن خياراً اعتباطياً، بل ضرورة تنظيمية وتقنية، حيث قال في هذا الصدد: "تقديم الأخ نزار بركة بصفته أميناً عاماً للحزب كان ضرورياً حتى يتم توضيح الجهة التي يمثلها ونسبة الكوطا. وهي مساطر تأخذها بعين الاعتبار الهاكا أمام أي اعتراض من طرف جهة ما".

وفي معرض رده على الاتهامات التي وُجهت إلى "بركة"، شدد "تاج" على أن "الأمين العام لم يتهرب من مسؤوليته الحكومية، عكس ما يروج له من طرف البعض، سامحهم الله، ولا أدل على ذلك، شرحه لتفاصيل السياسات والتدابير الحكومية في قطاعات لا يشرف عليها بالضرورة مثل الصحة والتعليم"، وفق تعبيره.

وأضاف المتحدث ذاته أن "بركة" قدّم خلال البرنامج خطاباً صريحاً وواقعياً بعيداً عن المزايدات، حيث قال: "السياسة اليوم تحتاج إلى لغة الحقيقة، بعيداً عن المزايدات أو اللغة الشعبوية… وهذا ما قدمه الأخ نزار بركة بالأرقام والحجج والدلائل".

إلى جانب ذلك، قال "تاج": "نزار بركة كان صريحاً باعترافه بعدم قدرة الحكومة على الوفاء بوعد الوصول إلى مليون منصب شغل جديد لأسباب مرتبطة بتوالي سنوات الجفاف، وفقدان المناصب في العمل الزراعي. وهذا اعتراف سياسي محمود يذكرنا باعتراف سابق بتورط جهات في السطو على المال العام وهم الفراقشية الذين كان أول من انتفض ضدهم وخاطبهم قبل شهور باتقوا الله في المغاربة. وهو بذلك كان أول من عرى أعطاب الاقتصاد الفلاحي الذي يعيث فيه الفراقشية فساداً".

وفي ختام تدوينته، أبرز "تاج" ما اعتبره مثالاً في الشجاعة السياسية، حين قال: "الأخ نزار بركة كان جريئاً بتعبيره عن استعداده لتقديم الحساب فيما يخص القطاع الذي يشرف عليه أمام أي كان. وهي شجاعة سياسية نادرة وتمثل حقيقي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة". كما أشار رئيس جمعية الشبيبة المدرسية إلى أن بركة أعلن بشكل استباقي عن "عزم الحكومة اتخاذ إجراءات ذات طابع استعجالي في ميادين التعليم والصحة تجاوباً مع مطالب شباب جيل Z."

تدوينة مصطفى "تاج" جاءت إذن لتغلق الباب أمام ما وُصف عدد من الاستقلاليين بـ"التأويل السياسي المغرض" لتصريح بركة، معتبرة أن ما جرى لا يعدو أن يكون احتراماً لمساطر المشاركة في البرامج الحوارية التي تنظمها الهاكا. غير أن القراءة السياسية الأوسع تكشف أن المسألة تتجاوز البعد الشكلي، إذ يرى مراقبون أن حزب الاستقلال، على غرار شريكه في الأغلبية حزب الأصالة والمعاصرة، يسعى إلى أخذ مسافة محسوبة من التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة ويتلقى القسط الأكبر من الانتقادات في ظل تصاعد موجة الاحتجاجات التي يقودها "جيل زاد" في الشارع والفضاءات الرقمية.

وبحسب عدد من المتفاعلين مع الموضوع، يبدو أن "بركة"، بإصراره على الظهور بصفته الحزبية، أراد أن يوجه رسالة مزدوجة: من جهة تأكيد استقلالية القرار السياسي لحزبه داخل التحالف، ومن جهة ثانية تفادي الانجرار إلى موقع الدفاع عن سياسات حكومية باتت تواجه ضغطاً متنامياً. وبين من رأى في خطوته محاولة ذكية لحماية صورة الحزب، ومن اعتبرها تهرّباً من المسؤولية الجماعية، تبقى النتيجة واحدة: "نزار بركة" اختار أن يتحرك في مساحة دقيقة بين الولاء للتحالف والحفاظ على الرصيد السياسي لحزب الاستقلال في مرحلة تتغير فيها أمزجة الشارع بسرعة غير مسبوقة.