جدل حرمة القروض البنكية يعود للواجهة.. فقهاء وعلماء بارزون يحسمون: "المعاملات البنكية الحديثة ليست رباً"

ديسمبر 4, 2025 - 17:40
 0
جدل حرمة القروض البنكية يعود للواجهة.. فقهاء وعلماء بارزون يحسمون: "المعاملات البنكية الحديثة ليست رباً"

في خضم الجدل المتجدد حول القروض والمعاملات البنكية، تتعالى أصوات عدد من كبار العلماء والفقهاء معتبرين أن الكثير من المنتجات المالية المتداولة اليوم لا تُعدّ رباً محرّماً، بل تدخل في دائرة العقود المستجدة التي تغيّر حكمها بتغيّر سياقها وآلياتها. 

خطاب فقهي واقتصادي يجد صداه في المغرب والعالم الإسلامي، مع توسع الحاجة إلى التمويل وتطوّر النظام البنكي.

عدد من الهيئات الشرعية، وعلى رأسها مجمع الفقه الإسلامي الدولي، أكد في مناسبات عدة أن القروض البنكية ذات الطابع الاستثماري أو الخدماتي ليست ربا إذا كانت تدخل ضمن عقود معتبرة شرعاً مثل: البيع بالتقسيط، المرابحة، المشاركة، الإيجار المنتهي بالتمليك، أو عقود الرسوم الإدارية التي تُقدَّم مقابل خدمات فعلية.

ويذهب بعض العلماء إلى أن فارق الزمن بين الربا التقليدي والمعاملات البنكية الحديثة شاسع، لأن الربا في مفهومه الأصلي كان يقوم على الاستغلال والاحتكار والإضعاف المالي للمقترض، بينما البنوك اليوم تقدم خدمات استثمارية، وتتحمل مسؤوليات قانونية وتنظيمية، وتخضع لنُظم رقابية دقيقة.

ومن أبرز العلماء الذين تبنّوا هذا الطرح:

 الشيخ علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، الذي أكد أن "فوائد البنوك هي استثمار مشروع، فهي ليست من قبيل الربا المحرّم، لأنها علاقة تعاقدية قائمة على التمويل وليس الإقراض الربوي".

 الشيخ يوسف القرضاوي –في عدد من فتاواه التفصيلية– ميّز بين الربا المحرّم والقروض البنكية ذات الطبيعة التجارية، معتبراً أن بعض القروض التي تُفرض فيها زيادات ثابتة في إطار تعاقدي واضح قد لا تدخل في الربا الصريح.

 دار الإفتاء المصرية وهيئة كبار العلماء في عدد من البلدان العربية أكدت أن الفوائد البنكية "عقود تمويل تدخل في باب المعاملات المستجدة، ولا تُعد رباً"، ما دامت لا تقوم على الاستغلال أو الاحتكار.

مجامع فقهية معاصرة أكدت أن «الحاجة العامة» للمجتمع الحديث تجعل التعامل البنكي ضرورة اقتصادية، وأن التحريم المطلق يناقض مقاصد الشريعة في التيسير ورفع الحرج وتحقيق التنمية.

ويشدد هؤلاء العلماء على أن الربا المحرّم في القرآن هو الزيادة المشروطة بهدف الإضرار بالمقترض، وليس كل معاملة مالية تتضمن زيادة أو أرباحاً، فالعبرة –كما يقولون– بطبيعة العقد ومقصده وليس بمجرد وجود عائد مالي.

كما يشير خبراء الاقتصاد الإسلامي إلى أن المنظومة البنكية أصبحت اليوم جزءاً من الدورة الاقتصادية الضرورية، وأن منع التعامل معها بشكل مطلق يخلق أزمات حقيقية للمواطنين وللاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، ويعطّل التنمية، ولذلك، فإن الاجتهاد المعاصر يتجه نحو «تنظيم المعاملات» بدل «تحريمها»، ما لم تتضمن ظلماً أو استغلالاً.

وفي ظل هذه الآراء المتباينة، يبقى النقاش مفتوحاً، لكن المؤكد أن اتجاهاً فقهياً واسعاً اليوم يدعو إلى قراءة جديدة ومستنيرة للمعاملات البنكية، تراعي التطور الاقتصادي وتلتزم بروح الشريعة ومقاصدها في العدالة والإنصاف والتيسير على الناس… بعيداً عن أي تشدد لا يخدم واقع المسلمين ولا حاجاتهم اليومية.