زويريق.. فيلم "موفيطا" لوحة إنسانية تتجاوز السرد التقليدي وتكشف هشاشة الإنسان وصراعات المجتمع

أكتوبر 31, 2025 - 18:50
 0
زويريق.. فيلم "موفيطا" لوحة إنسانية تتجاوز السرد التقليدي وتكشف هشاشة الإنسان وصراعات المجتمع

خلال الدورة الأخيرة للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، برز الفيلم المغربي "موفيطا" للمخرج "معدان الغزواني" كواحد من أبرز الأعمال السينمائية المعروضة، حيث توّج بجائزة أفضل فيلم طويل، بينما نال الممثل القدير "عبد النبي البنيوي" جائزة أفضل دور رجالي.

وارتباطًا بالموضوع، قدم الناقد السينمائي المغربي "فؤاد زويريق" قراءة نقدية خاصة لفيلم "موفيطا"، مشيرًا إلى أن العمل لا يقدم سردًا تقليديًا للأحداث، بل هو تجربة إنسانية متكاملة تغوص في أعماق النفس والمجتمع.

 ووفق "زويريق"، الفيلم يستمد دلالاته من عنوانه ذاته، فـ"موفيطا" المقتبس من الفرنسية Mauvais temps لا يشير إلى الطقس فقط، بل يعكس حالة وجودية تمتلئ بالاضطراب الداخلي وانعدام الأمل، حيث تتحول زخات المطر والغيوم والرياح في الفيلم إلى رموز للاختلال النفسي والاجتماعي.

في سياق متصل، يؤكد "زويريق" أن الفيلم يتجاوز البنية التقليدية للحكاية، إذ لا يقوم على تتابع الأحداث، بل على التفاصيل الواقعية والتجارب الإنسانية، مشيرا إلى أن الشخصيات تُعرّف بانفعالاتها الداخلية وطريقة شعورها ووجودها، والزمن السينمائي يتنفس ويتباطأ، مما يسمح للمشاهد بالانغماس في أعماق الشخصيات ومشاعرها.

ويضيف الناقد المغربي أن افتتاح الفيلم بمشاهد ثابتة لبيت متواضع، مصحوبة بمطلع أغنية الشيخ إمام "يا ولدي"، يمثل مفتاحًا لفهم أبعاد العمل الإنسانية والاجتماعية والسياسية. الأغنية، بحسب "زويريق"، تُشير إلى مآسي جيل كامل، ممثل في شخصية الأب ادريس التي جسدها الفنان المبدع "عبد النبي البنيوي".

إلى جانب ذلك، أشار "زويريق" إلى أن أحداث الفيلم تدور حول أسرة فقيرة تواجه نزاعًا على البيت مع شقيق الأب، الذي يقسم المنزل بجدار، ويصبح المرحاض رمزًا أساسيًا للكرامة الإنسانية، موضحا أن محاولات الأب لبناء المرحاض والعمل لتوفير ثمنه تتحول إلى صراع وجودي، والفشل فيها يعكس الإحباط والانكسار الاجتماعي، ويؤثر على علاقته الزوجية، ويخلق حالة من الصمت والاختناق.

ويشير "زويريق" إلى أن الطفل في الفيلم يمثل قلب العمل وضمير الفيلم، إذ يراقب الأحداث ويكشف أبعادها، ويجسد البراءة الإنسانية قبل تعلم القسوة، فيما تعكس شخصية "كريبو" المجنون الصدق والبريّة دون أقنعة، رغم كونها تبدو هامشية للوهلة الأولى.

أما فيما يتعلق بأداء الممثلين، فيرى "زويريق" أنه كان عنصر قوة أساسي للفيلم، مشيرا إلى المشخص "عبد النبي النبوي" جسد ثقل الأب والمعيل والمكافح، بينما أظهرت "هاجر كريكع" توازنًا بين الألم والصبر، وكان الطفل "محمد مروا" ضمير الفيلم وبوصلة المشاهد، يراقب المجتمع بعين البراءة والنقاء. ويضيف "زويريق" أن الأداء المتقن سمح بتمرير المعنى الإنساني دون إفراط، من خلال نظرات وإيماءات تحمل أكثر مما تستطيع الكلمات وصفه.

من جهة الإخراج، أشار "زويريق" إلى براعة "معدان الغزواني" في إدارة المشاهد وتوزيع الصمت والحركة، وتحويل الفضاءات اليومية إلى امتداد للشخصيات ومرايا لحالاتها الداخلية، بينما ساهم مدير التصوير "وليد لمحرزي علوي" في بناء صورة سينمائية واقعية تتوافق مع روح الحبكة.

ويختم "زويريق" تحليله بالقول إن فيلم "موفيطا" تجربة تأملية وفلسفية وإنسانية تكشف هشاشة الإنسان وصراعات المجتمع، حيث تتحول التفاصيل الصغيرة إلى معانٍ كبرى، والفضاءات اليومية إلى رموز للوجود، والصمت إلى خطاب قوي يعكس آلام الإنسان ومعاناته في مواجهة الظروف.