صدمة كبرى في الجزائر وارتباك غير مسبوق في تندوف مع اقتراب حسم ملف "الصحراء المغربية"

أكتوبر 20, 2025 - 13:00
 0
صدمة كبرى في الجزائر وارتباك غير مسبوق في تندوف مع اقتراب حسم ملف "الصحراء المغربية"

تعيش الجزائر هذه الأيام واحدة من أكثر لحظاتها توتراً منذ عقود، بعد أن بدأت خيوط الحسم النهائي لقضية الصحراء المغربية تتضح داخل أروقة مجلس الأمن بنيويورك، حيث تسير المشاورات نحو اعتماد المسودة الأمريكية التي تتبنى، بشكل واضح، مقاربة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتبارها الحل السياسي الواقعي والنهائي للنزاع المفتعل. 

وبينما تتحرك الدبلوماسية المغربية بثقة وهدوء، يغرق نظام العسكر في حالة من الارتباك والانكماش، مكتفياً بالرد عبر أبواقه الإعلامية، في مقدمتها صحيفة "الشروق" التي حاولت عبثاً تصوير المسودة الأمريكية على أنها "مؤامرة ضد الشرعية الدولية"، في وقت يعلم فيه الجميع أن الشرعية نفسها تميل اليوم إلى منطق الواقعية المغربية لا إلى أوهام الانفصال الذي ترعاه الجزائر وتدعمه منذ نحو 5 عقود من الزمن.

اللافت أن الجزائر، التي كانت تسارع في السابق إلى استدعاء السفراء وتصدر بيانات نارية عند كل تحرك لا يوافق هواها، اختارت هذه المرة نهج أسلوب الصمت المريب، وهو صمت لا يشي إلا بالخوف من القادم. فلا بيان من الخارجية، ولا تحرك دبلوماسي رسمي، ولا حتى موقف يعكس ما يزعم النظام أنه "مبدأ دعم حق تقرير المصير"، لأن العسكر يدرك جيداً أن القرار الأمريكي الجديد يعني شيئاً واحداً: نهاية زمن المناورة، وبداية مسار لا رجعة فيه يعترف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ويعتبر الحكم الذاتي الإطار الوحيد لأي حل سياسي دائم.

مصادر دبلوماسية من نيويورك تؤكد أن السفير الفرنسي "جيروم بونافون" والسفير الجزائري "عمار بن جامع" أجريا خلال الساعات الماضية اتصالات غير معلنة في محاولة لاحتواء الصدمة الجزائرية وتجنب توتر جديد قبل جلسة التصويت المقررة في 30 أكتوبر. ففرنسا، التي باتت أكثر ميلاً للتوازن، تدرك أن الجزائر تعيش ارتباكاً داخلياً حاداً بعد أن وجدت نفسها معزولة دولياً، عاجزة عن إقناع أي قوة مؤثرة بخطابها المتجاوز للواقع، فيما يواصل المغرب جني ثمار رؤيته الاستراتيجية التي حولت قضية وحدته الترابية إلى ورقة قوة إقليمية ودولية.

بالتوازي مع هذا المشهد، تتحدث مصادر ميدانية عن "ارتباك غير مسبوق داخل جبهة البوليساريو" بعد انقطاع قنوات الاتصال بين القيادات السياسية في تندوف والمجموعات المسلحة المنتشرة في المناطق العازلة. وتشير نفس المصادر إلى أن "إبراهيم غالي" يعيش عزلة خانقة بعد فشل محاولاته التواصل مع المسؤولين الجزائريين، بينما تسود حالة من الفوضى داخل الجبهة إثر تقارير عن فرار عدد من قياداتها إلى موريتانيا وإسبانيا.

 كل ما جرى ذكره، يعكس انهياراً تدريجياً لكيان فقد كل مبرر لوجوده، بعد أن أصبح المجتمع الدولي مقتنعاً بأن أي استمرار لميليشيا مسلحة خارج القانون يشكل تهديداً مباشراً لمسار السلام في المنطقة. ولهذا، تؤكد التسريبات أن مسودة القرار الأمريكي تنص بوضوح على ضرورة "نزع سلاح البوليساريو" ودمج عناصرها ضمن مسار التسوية الأممية، لضمان نجاح الحل السياسي المبني على الحكم الذاتي.

من جهة أخرى، تتزايد المؤشرات على أن النظام الجزائري بدأ يستشعر أن ما يقترب من نهايته ليس "نزاع الصحراء"، بل "نظام العسكر نفسه"، الذي جعل من هذه القضية ورقة داخلية لتبرير قمع الحريات وإلهاء الشعب عن فشله في تحقيق التنمية. فاليوم، لم تعد شعارات "تقرير المصير" تنطلي على أحد، لا داخل الجزائر ولا خارجها، بعد أن تبين أن النظام الذي يدّعي الدفاع عن حرية الشعوب هو نفسه الذي يصادر حرية شعبه ويكمم أصوات معارضيه.

أما المغرب، فقد أثبت مرة أخرى أنه يسير بخطى ثابتة في اتجاه المستقبل، مستنداً إلى شرعية التاريخ والجغرافيا وإلى دعم دولي متزايد يرى في مقترح الحكم الذاتي نموذجاً للحلول الواقعية التي تضمن السلم والاستقرار. فالمملكة، التي فتحت ذراعيها للحوار الجاد، تقدم في المقابل نموذج الدولة المسؤولة التي تملك رؤية واستراتيجية وتتعامل بندية مع القوى الكبرى، لا بعقلية الارتزاق السياسي.

وفي النهاية، لم تعد "الورقة الأمريكية" مجرد وثيقة دبلوماسية، بل إعلاناً ضمنياً عن نهاية مرحلة كاملة من الابتزاز والانفصال، وبداية زمن جديد عنوانه الواقعية والسيادة المغربية. من تندوف إلى المرادية، تسقط الأقنعة واحداً تلو الآخر، ويكتشف العسكر أن اللعبة انتهت، وأن من كانوا يراهنون على إطالة أمد الصراع باتوا اليوم أول من يدفع ثمنه. أما الصحراء، فستبقى مغربية كما كانت، والتاريخ لا يرحم من يقف في وجه الحقيقة.