عطل "أمازون ويب سيرفيسز" يكشف هشاشة الإنترنت العالمي ويثير تحذيرات من فوضى رقمية قادمة
كشفت الأزمة الأخيرة التي أصابت خدمات "أمازون ويب سيرفيسز" (AWS) عن مدى اعتماد العالم المفرط على بنية تحتية رقمية مركزية، بعدما تسبب خلل فني واحد في شلّ قطاعات واسعة من الخدمات الإلكترونية حول العالم، من المواقع الحكومية إلى تطبيقات الترفيه والدفع الإلكتروني، في حادثة وُصفت بأنها "جرس إنذار لمستقبل الشبكة".
وبدأت المشكلة فجر الاثنين عندما لاحظ موظفون في لندن تعطل المواقع الحكومية البريطانية، تزامناً مع توقف خدمات بث "ديزني بلس" في الولايات المتحدة، وتعطل منصات شهيرة مثل سناب شات وريديت وكانفا. كما واجه ركاب شركات الطيران دلتا ويونايتد إيرلاينز صعوبات في استخدام خدماتهم الرقمية. ومع اتساع نطاق الأعطال، اتضح أن الأمر ليس عطلاً محلياً بل انهياراً جزئياً للإنترنت العالمي.
ووفقاً لشركة DeepField Networks، يعتمد نحو ثلث مستخدمي الإنترنت حول العالم يومياً على خدمات مبنية على بنية AWS، ما جعل الانقطاع أشبه بتوقف جماعي لعشرات المنصات في وقت واحد. وأعلنت أمازون أن الخلل وقع عند الساعة 3:11 فجراً بتوقيت الساحل الشرقي الأميركي، وتم تحديد مصدره عند الساعة 5:01، لكن العطل استمر حتى قرابة التاسعة صباحاً رغم الإصلاحات المبدئية.
وأكد الخبير في الأمن السيبراني جيمس نايت، كبير مستشاري شركة Digital Warfare، أن الحادثة "صادمة للغاية"، موضحاً أنه من المفترض أن تمتلك أمازون أنظمة احتياطية تمنع هذا النوع من الانهيارات، وأضاف أن الخلل انطلق من مركز البيانات الشهير في فيرجينيا (US-EAST-1)، وهو من أهم مراكز تشغيل الشركة. كما استبعد أن يكون العطل ناتجاً عن هجوم إلكتروني، مشيراً إلى غياب أي مؤشرات على اختراق أو برامج خبيثة.
ويرى خبراء أن ما حدث يعيد إلى الأذهان أزمات سابقة، أبرزها انهيار شركة CrowdStrike للأمن السيبراني في يوليو 2024، الذي تسبب بخسائر فاقت خمسة مليارات دولار، إضافة إلى الأعطال التي ضربت شبكة AT&T الأميركية العام الماضي. وأكد نايت أن هذه الحوادث تمثل "وجهاً جديداً للفوضى الرقمية"، قائلاً: "لقد أصبحت حياتنا بالكامل على الإنترنت، وهذه الأعطال ستتكرر سواء عند أمازون أو غوغل أو مايكروسوفت.. لا أحد في مأمن."
واعتبر أن أمازون تعاملت مع الأزمة بمسؤولية، معلناً أن الشركة ستُجري مراجعة شاملة لتحديد الأسباب الجذرية ومنع تكرارها، لكنه ختم بتحذير واقعي: "أمازون ستتعلم من الخطأ وتخرج أقوى، لكن هذه ليست النهاية — فالعطل القادم قد يكون أشدّ وأوسع نطاقاً."
