فتوى جديدة تخضع أرباح تجارة الأسهم والعملات لفريضة الزكاة في المغرب

أصدر المجلس العلمي الأعلى، بأمر من أمير المؤمنين الملك محمد السادس، فتوى جديدة تتعلق بموضوع الزكاة وتطبيقاتها على الأموال الحديثة، لتشمل من خلالها تجارة الأسهم والعملات الرقمية وغيرها من الاستثمارات المالية، مؤكدا حرص المملكة على مواكبة التطورات الاقتصادية وفق الضوابط الشرعية، حيث تأتي هذه الفتوى ضمن جهود المجلس العلمي الأعلى في توضيح أحكام الزكاة لجميع المواطنين والمستثمرين، بما يضمن الالتزام بأحد أركان الإسلام الخمسة في سياق العصر الحديث.
وأوضح المجلس أن قطاع التجارة يشمل جميع المبادلات التجارية في السلع وكل ما يؤول إلى مال يجوز الانتفاع به، وهو ما يتسع ليشمل الأسهم والعملات الرقمية، إلى جانب محصلات الشركات التجارية وغيرها من الاستثمارات المالية، ملفتا إلى أن الزكاة تجب في هذه الأموال إذا بلغت قيمتها النصاب الشرعي بعد مرور الحول، مع الأخذ بعين الاعتبار خصم جميع تكاليف التدبير الضرورية، مثل أجور العمال وأثمان الكراء والضرائب والرسوم إذا حلت قبل موعد إخراج الزكاة، إضافة إلى أي مصاريف تشغيلية أخرى مرتبطة بالنشاط التجاري أو المالي.
وتسعى هذه الفتوى، وفق ما أشار إليه المجلس العلمي الأعلى، إلى تحقيق العدالة بين المزكين والفقراء، وتأكيد أن الزكاة ليست مجرد عبء مالي، بل أداة لتعزيز التضامن الاجتماعي وتقليص الفوارق الاقتصادية، بما يضمن أن العائد من هذه الأموال يعود على المجتمع ويخدم المستحقين وفق ما نص عليه القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل﴾.
وتعد هذه الفتوى خطوة مهمة في التوجيه الشرعي للمستثمرين المغاربة، خصوصا في ظل انتشار التجارة الرقمية والأسهم والعملات الرقمية، ما يعكس قدرة الفقه المالكي على التفاعل مع المستجدات الاقتصادية دون التفريط في المبادئ الأساسية للشريعة، كما يتيح للمواطنين والمستثمرين التحقق من مسؤولياتهم الشرعية، ويؤكد دور المجلس العلمي الأعلى في متابعة تطور الاقتصاد الوطني وإصدار الإرشادات الشرعية الملائمة لكل ما يستجد من موارد مالية وأدوات استثمارية.
واختتم المجلس فتواه بالتأكيد على أن الالتزام بالزكاة يجب أن يكون بعد بلوغ النصاب وحول الحول، مع مراعاة جميع التكاليف والمصاريف الضرورية، بما يعكس روح الشريعة في تحقيق التكافل الاجتماعي والنفع العام، ويضمن أن تبقى الزكاة ركنا حيويا من أركان الدين الإسلامي، يؤثر في حياة الأفراد والمجتمع على حد سواء.