كمالوندي: اتفاقية الضمانات لا تستجيب لظروف ما بعد حرب الـ 12 يوما
أكد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، على أن اتفاق الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يُعدّ لظروف الحرب، مشيرا إلى أن الوضع الحالي يتطلب مراجعة وتعديل الاتفاق ليتوافق مع واقع ما بعد الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية في صيف 2025.
- 2025/12/09 - 17:37
- الأخبار ایران
أكد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، على أن اتفاق الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يُعدّ لظروف الحرب، مشيرا إلى أن الوضع الحالي يتطلب مراجعة وتعديل الاتفاق ليتوافق مع واقع ما بعد الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية في صيف 2025.
وافادت وكالة تسنيم الدولية للانباء ان كمالوندي قال في حوار صحفي بأن الصناعة النووية تلعب دورا ملموسا في كافة جوانب حياة الشعب الايراني، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. موضحا أنه يمكن تقسيمها إلى مجالين: مجال يُعنى بالطاقة وآخر غير متعلق بالطاقة.
و أضاف أنه وفي مجال الطاقة، فإن القضية الرئيسية تتعلق بالمفاعلات النووية وتوليد الطاقة النووية، التي اكتسبت أهمية كبيرة في العالم اليوم، حيث تسعى معظم دول العالم إلى زيادة سعة محطات الطاقة النووية، كما فعلت أمريكا، التي تمتلك أكبر عدد من محطات الطاقة النووية (حوالي 100 محطة)، زيادة هذا العدد إلى حوالي 400 محطة، أي ما يقارب أربعة أضعاف لافتا إلى أن أهمية الطاقة النووية تكمن في أن الكهرباء التي تنتجها صديقة للبيئة للغاية وتنتج طاقة خالية من التلوث.
وتابع المتحدث باسم منظمة الطاقة النووية الايرانية أنه و في المجال غير المتعلق بالطاقة، هناك ثلاثة قطاعات رئيسية: أولا، مجال صحة الإنسان، الذي يشمل الطب النووي، وهو مجال مألوف للجميع، وقد استُخدمت فيه المواد الصيدلانية المشعة مرارا وتكرارا للتشخيص والعلاج. ثانيا، مجال الزراعة، الذي يبدأ بمرحلة إنتاج البذور، ويتيح إمكانية تحسينها.
واستطرد قائلا: ثالثا، وفي القطاع الصناعي، تكاد لا توجد صناعة لا تحتاج إلى معدات نووية. من صناعات الحديد والصلب والبتروكيماويات إلى مصافي النفط وحتى صناعة الأسمنت، تتطلب جميعها معدات تشخيصية مثل قياس درجة الحرارة، وقياس الكثافة، وقياس الأسطح، وهو ما لا يمكن إجراؤه بالأدوات التقليدية، ويمكن إجراؤه باستخدام معدات تُسمى "العيون النووية".
الصناعة النووية قدرة حيوية وضرورية لمستقبل البلاد
و أكمل كمالوندي أنه و في مجال البيئة أيضا، تبرز قضايا مهمة مثل جزيئات البلاستيك الدقيقة (الميكروپلاستيك). فالمحيطات تعاني من تلوّث شديد بسبب الكميات الهائلة من البلاستيك التي تُلقى فيها، وتتفتّت هذه المواد إلى جزيئات دقيقة جدا تدخل سلسلة الغذاء البحرية على المستوى الجزيئي، مما يُشكّل في النهاية تهديدا خطيرا على صحة الإنسان. ويُستخدم حاليا على المستوى العالمي تقنيات نووية لمعالجة هذه المشكلة، وقد أثبتت فعاليّتها بشكل كبير.
وأضاف :كما أن للتقنية النووية تطبيقات واسعة في مجالات أخرى، منها المجال الدفاعي وليس في صنع الأسلحة النووية، بل في تعزيز القدرات الدفاعية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك الغواصات التي تعمل بالوقود النووي، والتي تتميّز بقدرتها على البقاء لفترات طويلة جدا تحت سطح الماء. وكلما ارتفع درجة تخصيب الوقود النووي، قلّت الحاجة إلى تبديله. فحاليا، تمتلك دولتان مثل فرنسا والولايات المتحدة غواصات نووية لا يُستبدل وقودها إلا مرة واحدة كل 30 إلى 40 عاما.
وخلص بالقول في هذا السياق، أنه وبشكل عام، فإن نطاق استخدام التكنولوجيا والصناعة النووية واسع جدا، وتسهم اقتصاديا في خلق قيمة مضافة عالية، كما تؤدي دورا محوريا في قطاعات متعددة. وتشكل هذه التقنية، إلى جانب تقنيتي الحوسبة الكمّية (الكوانتوم) والذكاء الاصطناعي، الركائز الثلاث التي ستشكّل مستقبل العالم.
ومضى يقول إنه رغم أن التكنولوجيا النووية ظهرت منذ نحو 80 عاما، فإنها لا تزال تحظى بأهمية كبيرة على المدى الطويل. ويمثّل امتلاك ايران للكفاءات البشرية المتخصصة والخبرة القيّمة التي اكتسبناها خلال السنوات الماضية ميزتها الأساسية في هذا المجال.
واوضح مؤكدا ان هذه النقطة بالذات هي التي لا يقبلها أعداء ايران، فهم لا يتقبلون رؤية إيران قوية ومقتدرة، سواء في المجال النووي أو الصاروخي أو غيره من المجالات الاستراتيجية. مع ذلك، يجب أن ندرك أن الصناعة النووية لا ينبغي النظر إليها فقط من زاوية منظمة الطاقة الذرية، بل يجب أيضا أن ينظر اليها الشعب باعتبارها قدرة حيوية وضرورية لمستقبل البلاد.
بنى تحتية نووية إيرانية متقدمة في مجالات الطاقة والطب والزراعة
وأشار كمالوندي إلى أن إيران تمتلك بنى تحتية نووية متقدمة في مجالات الطاقة والطب والزراعة، مشيرا إلى أن "نسبة الكهرباء النووية المطلوبة لسلة الطاقة الوطنية تبلغ نحو 10%، أي ما يعادل 8 إلى 10 آلاف ميغاواط، بينما لا نملك حاليا سوى نحو ألف ميغاواط". وأوضح أن طهران تسعى لتعويض هذا النقص ضمن خطتها العشرينية.
وفي الشأن النووي السلمي، أوضح كمالوندي أن إيران تنتج 73 نوعا من النظائر الطبية، منها 5–6 أنواع وطنية بالكامل تُستخدم في علاج السرطان، مؤكدا أن "لا نقص حاليا في الأدوية المشعة أو الوقود النووي اللازم للمفاعل البحثي في طهران"، رغم الأضرار التي لحقت ببعض المنشآت.
تعاون ايران مع الوكالة الدولية للطاقة النووية
وردا على سؤال حول التعاون الحالي مع الوكالة الدولية للطاقة النووية، أوضح المتحدث باسم منظمة الطاقة النووية الايرانية أن "التعاون مستمر في المنشآت غير المتضررة"، لافتا إلى أن "الوصول إلى المواقع المتضررة يخضع لضمانات أمنية وقانونية لم تُتفق عليها بعد"، مشددا على انه يجب ان يتم الاتفاق ضمن اطار قانوني جديد يضمن عدم تسريب المعلومات إلى اطراف معادية".
واضاف: نحن مستعدون للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية، لكن النهج السياسي لهذه الوكالة أدى إلى تعقيد الوضع. فالواقع القائم على الساحة الدولية، سواء في مجال الصناعة النووية أو حتى في قضايا حقوق الإنسان والاقتصاد، يتمثّل في وجود معايير مزدوجة في التعامل؛ فالأحكام والقوانين تُطبَّق كـ"مسموح ومباح" لبعض الدول، بينما تُفرض على دول أخرى كـ"ممنوع وغير مقبول". هذا النهج غير عادل وغير صحيح.
وتابع: مشكلتنا هي أننا نواجه تسييس المسائل ولا نتعامل مع مهمة مهنية وفنية في الوكالة الدولية للطاقة النووية. فعلى سبيل المثال، عندما زعموا أن إيران خصبت اليورانيوم بدرجة 84%، تراجعوا عن ذلك لاحقا. في الوقت نفسه، لم تكن العديد من الدول التي صوتت على القرار تعرف الفرق بين 60% و 84%، ولم تكن تمتلك المعرفة الفنية اللازمة. كانوا يكتفون بالتطلع إلى موقف الولايات المتحدة وأوروبا، وكانوا ينحازون إليهما لمصالحهم السياسية الخاصة.
وأوضح : انه ولهذا السبب فإننا نواجه وضعا معقدا حقا، أي أننا نريد التعاون مع هذه الوكالة ونفعل ذلك بالفعل وقد اتخذنا خطوات مشروعة وشفافة، لكن لا يمكن أن نقدّم معلومات قد تُستخدم لاحقا ضد أمننا الوطني".
وذكّر كمالوندي انه عندما تعرض العراق وسوريا لهجوم، اتخذ مجلس الأمن ومجلس المحافظين مواقفهما، اما فيما يتعلق بإيران عندما تعرضت منشآتها للقصف فلم يحركا ساكنا ولم يصدرا أي إدانة، وكان ذلك في الوقت الذي كانت ايران تتفاوض فيه وكانت هذه الوكالة تقوم بعمليات تفتيش مكثفة داخل ايران.
يتعين علينا اتخاذ الطريق القانوني لحل المشاكل مع الوكالة الدولية للكاقة النووية
وفيما يخص اصرار غروسي أو مجلس المحافظين على مسألة تفتيش المنشآت الإيرانية التي تعرضت للقصف أو التدمير، بيّن كمالوندي انه عندما تنضم دولة ما إلى معاهدة حظر الانتشار النووي، فإنها توافق على إبرام اتفاقية مع الوكالة الدولية للطاقة النووية، بالإضافة إلى الاتفاقية، وهو ما فعلته إيران.
وتابع موضحا ان الاتفاقية صُممت بحيث تشمل "الظروف العادية"، لا ظروف الحرب، مع أن المادة 68 تشير إلى "الظروف الخاصة"، أي الحالات التي تُفقد فيها المواد نتيجة حادث أو سبب خاص. في مثل هذه الظروف، تُلزم الدولة بإخطار الوكالة الدولية للطاقة النووية بهذا الأمر. وقد أُخذت هذه المسألة في الاعتبار عام 1970، عندما كانت هذه الاتفاقية قيد المراجعة.
واكمل :لذلك، من الناحية القانونية، يُمكن القول إن اتفاقية الضمانات لا تتضمن أحكاما مُحددة لظروف الحرب. والسبب واضح؛ فإذا مُنحت إمكانية الوصول في مثل هذه الظروف، فهذا يعني أن الوكالة الدولية للطاقة النووية ستُعدّ المعلومات وتُحيلها إلى مجلس المحافظين، وفي النهاية ستُتاح هذه المعلومات للحكومات.
وفي هذا السياق، اكد:وبالتالي، فإن المعلومات السرّية والعسكرية القابلة للاستخدام ستصل إلى أيدي عدونا، وهذا يعني أننا سنسلّم بأيدينا معلومات يمكن أن تشكّل أساسا لأعمالهم العدائية المستقبلية ضدنا. لا يوجد أيّ دولة في العالم تفعل ذلك؛ ولا أعتقد أن هناك دولة في العالم تمتلك منشآت نووية ويتعرّض أمنها لهجوم، ثم توافق في ظل تلك الظروف على منح الوكالة الدولية حق الوصول إليها.
اجتماع القاهرة واتفاق الضمانات
وتطرق كمالوندي إلى اجتماع القاهرة قائلا: في الوقت الذي اقترحوا فيه اجتماع القاهرة وأجرينا المفاوضات، كانوا في الواقع قد اعترفوا بأن اتفاق الضمانات لا يتناسب مع الظروف الحالية. بل إن عنوان اتفاق القاهرة نفسه تحدّث صراحة عن "الوضع ما بعد الحرب"، وتم فيه تقسيم المنشآت إلى فئتين: المتضررة وغير المتضررة، واتُّفق على مسار محدد يبدأ من مجلس الأمن.
واضاف : حقيقة أن الوكالة الدولية وافقت على هذا المسار رغم أن بروتوكول الضمانات يفرض (في المادة 73، التي تقابل المادة 68 في الاتفاق الأساسي) تقديم المعلومات خلال 72 ساعة ووافقت لاحقا على تمديد هذه المهلة عبر تفاهم سياسي أولي، فهذا يعني أنها قبلت من الناحية القانونية بصحة حجتنا.
وتابع : وإلاّ، لقالوا بوضوح: "يجب أن تقدّموا المعلومات خلال 72 ساعة". لكنهم لم يفعلوا، بل اختاروا تحويل المسألة من قضية قانونية إلى أداة ضغط سياسي. لذلك، إذا صمدنا والصمود لا يعني فقط المواجهة العسكرية، بل الاستمرار في المطالبة بحقوقنا عبر البراهين القانونية، فسنتمكن من المضي قُدما في المسار الصحيح.
واكمل : لكن التحدي أن هذا الطريق قد يكون بطيئا، لأن مجلس المحافظين، عند إحالة الملف إليه، غالبا ما يقوم بتسييسه لا بالتعامل معه فنيا. ورغم وجود آليات تسوية نزاعات مثل التحكيم، حيث يعيّن كل طرف محكّما وثالثا محايدا، قد تُحقّق هناك بعض العدالة، إلا أن الطرف الآخر يسعى لنتائج فورية عبر إثارة الضجيج والإعلام.
واشار كمالوندي إلى انه ومن المؤسف أن الطرف الاخر هو من يمتلك القوة الاعلامية وبالتالي هو من يُسمَع صوته. لذا، دور وسائل الإعلام محوري: فنشر الحقائق داخليا يعزز وعي الشعب والنخب، ويقلل من توقهم إلى حلول سريعة وغير واقعية. لا أحد يريد تأجيل الحل، لكن بعض المسارات تتطلب وقتا، ومثابرة، واستمرارية.
وذكر :لدينا براهين وحجج قانونية قوية؛ كنا شفافين تماما، وكان المفتشون في إيران حتى اليوم السابق للهجوم. لو وضعنا أي دولة مكاننا، هل ستوافق على منح جهة معلومات قد تصل إلى عدوها؟ بالتأكيد لا. موقفنا منطقي وواضح، لكنه يُشوَّه حين يُدخل في لعبة السياسة.
ولفت إلى انه قد فُتح مسار سياسي لم يُعجبهم. لذا الان يجب سلوك الطريق القانوني لحل المشاكل، و يجب الحصول على ضمانات، وأن تُصاغ الاتفاقية بطريقة تضمن عدم إساءة استخدامهم للمعلومات التي يُحتمل أن يحصلوا عليها.
أضاف: "الوكالة تتفهم منطقيا أن الظروف الاستثنائية لا تُدار بآليات زمن السلم، وقد اعترف مسؤولوها بذلك في مفاوضات القاهرة"، لكنه نبّه إلى أن "بعض الأطراف تحاول تحويل المسألة من تقنية إلى سياسية، مستغلة هيمنة القوى الكبرى على مجلس المحافظين".
وبخصوص المخاوف بعد قصف المنشآت، قال : أطمئن الجميع أنه لا يوجد أي نقص في النظائر الطبية أو الأدوية المشعة في البلاد. كنا قد اتخذنا الاحتياطات مسبقا، ونمتلك مخزونا كافيا وقدرة على الإنتاج. صحيح أن منشآت في أصفهان تضررت، وخصوصا المتعلقة بإنتاج الوقود المخصب بنسبة 20% لمفاعل طهران، لكن لدينا ما يكفي من الوقود، ونستطيع إعادة الإنتاج متى أردنا. لذا، ليطمئن الشعب؛ الوضع تحت السيطرة تماما.
واكد كمالوندي: نحن دولة قوية، نعم نواجه تحديات اقتصادية ومعيشية، لكن إيماني بقدرات بلادنا يجعلني واثقا أننا قادرون على اجتياز هذا الطريق والوصول إلى النتيجة المرجوة.
وختم كمالوندي بالقول: "لدى إيران رؤية حقوقية واضحة، ولدينا رؤى بديلة لضمان عدم انحراف البرنامج النووي دون المساس بأمننا. نحن على استعداد للحوار، لكن ليس تحت الضغط أو التهديد".
المصدر: ارنا
/انتهى/