كورنيش تطوان يغرق في الظلام.. متنفس المدينة يتحول إلى ممر للخوف والضياع

أكتوبر 20, 2025 - 19:40
 0
كورنيش تطوان يغرق في الظلام.. متنفس المدينة يتحول إلى ممر للخوف والضياع

كورنيش تطوان يغرق في الظلام.. متنفس المدينة يتحول إلى ممر للخوف والضياع

يعد كورنيش طابولة بمدخل مدينة تطوان أحد أبرز الفضاءات التي منحت المدينة لمسة جمالية وفضاءً تنفّسيا للعائلات، خصوصا لساكنة أحياء الرمانة وطويبلة وطابولة والوقاية والصومال واللوزيين. غير أن هذا الفضاء الذي كان يُعدّ مفخرة للمدينة، يعيش اليوم وضعا متدهوراً بعدما غرق في الظلام وتآكلت تجهيزاته، فتحوّل من متنزهٍ عائليٍّ إلى فضاءٍ مهجورٍ يثير الخوف والقلق.

مع حلول الليل، يتحوّل الكورنيش إلى مساحة غارقة في العتمة، بعد أن تعطلت أعمدة الإنارة بالكامل، فيما تمت إزالة المصابيح من الممر السفلي، تاركة المكان في ظلمةٍ خانقة. الأزبال والحفر والخراب في الكراسي وسلال القمامة وألعاب الأطفال، كلها مظاهر تعكس حجم الإهمال الذي يطال هذا الفضاء العمومي. ومع انطلاق العطلة المدرسية وازدحام المكان بالعائلات، بدا المشهد أقرب إلى ساحة منسية.

يقول أحد روّاد المكان، رجل خمسيني، بنبرة يغلب عليها الأسى: "نحن نأتي إلى هذا الكورنيش منذ سنوات، وكان فضاءً جميلاً وآمناً، أما اليوم فصار مكاناً مهجوراً ومظلماً. لا إنارة، ولا نظافة، ولا مراقبة. أشعر بالحسرة حين أرى هذا الإهمال، وكأن أحداً لا يهمّه أن هذا المكان هو المتنفس الوحيد لآلاف السكان.

وفي ظل هذا الظلام الدامس، تتحرك الأجساد بصمت كأنها أشباح، فيما تسير الأسر على حافة الخطر، إذ يلاصق الممر وادٍ غير مسيّج، ما يجعل أي خطوة خاطئة سبباً محتملاً لمأساة. غياب الإنارة والمراقبة حول الممر السفلي إلى مأوى لظواهر منحرفة، من دعارةٍ واستهلاكٍ للممنوعات وترويجٍ للمخدرات، فضلاً عن خطر السرقات.

شاب عشريني تحدث بحرقة قائلاً: "صراحة الوضع كارثي، ما كاينش الضو، والناس كيمشيو فظلام بحال الأشباح. بزاف ديال العائلات كيرجعو بكري حيث كاين الخوف، وحتى البوليس ما كيبانوش بزاف هنا. واش معقول كورنيش بحال هادا يكون فهاد الحالة؟.

أما إحدى الأمهات، التي كانت ترافق طفلتها الصغيرة، فقالت وهي تحاول تهدئتها: "خرجت مع بنتي غير باش نبدل الجو، ولكن ما تصورش شحال تخوفت. الظلام بزاف، والواد ما فيه لا سياج لا والو، وبنتي كانت كتلعب وقربات للحافة، قلبي طاح. ما يمكنش نرجع لهنا حتى يتحسن الوضع، حشومة فمدينة بحال تطوان.

ولا يتوقف المشكل عند كورنيش طابولة فقط، فالظلام يمتد إلى شارعٍ رئيسيٍّ يربط بين حيي طابولة والوقاية في اتجاه حي نقاطة، وهو شارع حيوي يعج بالمارة والتجار وحافلات النقل العمومي، لكنه يغرق بدوره في ظلامٍ دامس، ما تسبب في تعثر الحركة التجارية وتزايد الحوادث والقلق اليومي للسكان.

ما يجري في كورنيش طابولة ليس حالة معزولة، بل هو صورة مصغّرة لتراجع الإنارة العمومية في عدد من أحياء تطوان، حتى بشوارعها الرئيسية. وهو ما يطرح تساؤلات ملحّة حول غياب الصيانة وضعف المراقبة وتجاهل نداءات الساكنة.

الكورنيش الذي كان يوما واجهةً حضرية وسياحية لمدينة تطوان، أصبح اليوم مرآة لعجزٍ تدبيريٍّ واضح. إصلاح الإنارة، وتنظيف الممرات، وتأمين الوادي، ليست رفاهية، بل مسؤولية جماعية مستعجلة لإعادة الأمان والبهاء إلى المدينة التي كانت تلقب بـ"الحمامة البيضاء"، قبل أن يبتلعها ظلام الإهمال.