مراقبة جينومية ترصد مسار تطور متحورات فيروس كورونا بالمغرب على مدى أربع سنوات

أغسطس 19, 2025 - 23:35
 0
مراقبة جينومية ترصد مسار تطور متحورات فيروس كورونا بالمغرب على مدى أربع سنوات

شهد المغرب منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد، تحولات متعددة في مسار العدوى، انعكست في ظهور وانتشار متحورات مختلفة على مدى أربع سنوات، حيث كشف موقع "nature" العلمي عن دراسة شاملة للمراقبة الجينومية، شملت 235 عينة موجبة للفيروس بين 2021 و2024، موردا تفاصيل دقيقة لمسار انتشار المتحورات وتطورها، مع إبراز دور المغرب كحلقة وصل بين القارات في انتشار العدوى.

وأظهرت البيانات أن الموجات الأولى من الجائحة تميزت بتداول متحور "ألفا" و"دلتا" بالتوازي، حيث سجل دلتا حالات أكثر عرضية وأعراضا شديدة مقارنة بألفا، فيما تراوحت أعمار المرضى بين أقل من 20 عاما وحتى أكثر من 60 عاما، مع غلبة نسبية للإناث على الذكور، كما كانت أغلب الحالات عرضية الأعراض بنسبة 79%، بينما لم تظهر الأعراض لدى نحو 14% من المرضى.

وشهد المغرب مع حلول سنة 2022 هيمنة شبه كاملة لمتحور أوميكرون وفروعه، بما في ذلك الفروع الفرعية BA.1 وBA.2 وBA.5، التي حلت تدريجيا محل جميع المتحورات السابقة، كما أظهرت الفروع الأحدث مثل JN.1.1 وJN.1.45 في 2023–2024 عبء طفراتي غير مسبوق، مع ما بين 88 و89 استبدالا للأحماض الأمينية و17 حذوفا، مما عزز قدرة الفيروس على الإفلات المناعي وسرعة الانتشار داخل المجتمع.

وأظهرت التحليلات الفيلوجينية أن متحور ألفا ودلتا كان محدود الاتصال العالمي سنة 2021، مع انتقال محلي محصور، فيما عكس ظهور أوميكرون وفروعه الطويلة الفروع في الشجرة التطورية، الانتشار السريع على المستوى الدولي، بما في ذلك أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء وآسيا، كما كشفت خرائط الانتقال عن تبادلات فيروسية ثنائية الاتجاه بين المغرب والمناطق الدولية خلال موجات أوميكرون، ما يؤكد دور المملكة كمركز إقليمي للانتقال الفيروسي.

وأوضحت الدراسة أن المراقبة الجينومية لم تقتصر على تتبع الفيروس محليا، بل أسهمت في إرشاد السياسات الصحية الوطنية، من تحسين برامج التلقيح إلى دعم اتخاذ القرارات الاستباقية لمواجهة موجات العدوى الجديدة، إضافة إلى تعزيز قدرة الباحثين المغاربة على المساهمة في الجهد العلمي الدولي لفهم تطور الفيروس وديناميته.

ويؤكد الخبراء أن هذه التجربة تعكس أهمية الاستثمار المستمر في البنية التحتية للمراقبة الجينومية، وتطوير منصات لقاحية مرنة، وتوسيع التعاون الإقليمي والدولي لتبادل البيانات، بما يضمن جاهزية المملكة لمواجهة أي تهديد وبائي مستقبلي، سواء من فيروس كورونا أو من أية أمراض تنفسية ناشئة أخرى.

وتشكل نتائج هذه المراقبة العلمية نموذجا ناجحا للرصد الدقيق والتحليل الفوري للمتحورات، بما يعزز قدرة المغرب على اتخاذ إجراءات وقائية فعالة، ويؤكد ضرورة استمرار المراقبة الجينومية كأداة استراتيجية لحماية الصحة العمومية وضمان استجابة علمية سريعة لأي موجة وبائية جديدة.