معهد أمريكي مرموق.. ترامب غير قواعد اللعبة، المغرب شريك استراتيجي، والجزائر مطالبة بمراجعة مواقفها

نوفمبر 1, 2025 - 21:55
 0
معهد أمريكي مرموق.. ترامب غير قواعد اللعبة، المغرب شريك استراتيجي، والجزائر مطالبة بمراجعة مواقفها

أخبارنا المغربية - عبد المومن حاج علي 

في خطوة لافتة تعكس التحول العميق في السياسة الخارجية الأمريكية، نشر معهد "هدسون" للأبحاث مقالا يؤكد أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسير في الاتجاه الصحيح بسعيها إلى إبرام اتفاق سلام بين المغرب والجزائر، حيث اعتبر أن هذا المسعى يشكل لحظة تاريخية لإعادة ترتيب أولويات واشنطن في شمال إفريقيا، بعد عقود من التجاهل الذي طبع تعاملها مع المنطقة وقضية الصحراء المغربية.

ويرى المعهد أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، خلال الولاية الأولى للرئيس ترامب، كان قرارا استراتيجيا أعاد التوازن إلى السياسة الأمريكية في المنطقة، وفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار الإقليمي والتعاون الأمني والاقتصادي، كما أكد أن تجديد هذا الموقف والدفع نحو مصالحة بين الرباط والجزائر، على أساس مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة سنة 2007، سيكون بمثابة مكسب دبلوماسي للولايات المتحدة ومصدر قوة لشمال إفريقيا برمته.

ويشير التحليل إلى أن المغرب ظل على مدى عقود حليفا ثابتا وموثوقا لواشنطن، منذ أن كان أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة سنة 1777، بينما ظلت الجزائر في موقع الغموض، تراهن على التسلح الروسي وتحافظ على ارتباطات وثيقة مع الصين وإيران، وهو التوازن الغير مجدي الذي جعل واشنطن تخسر تأثيرها في المنطقة، بينما استفادت موسكو وبكين من الفراغ لتمديد نفوذهما في الساحل والصحراء.

ويؤكد المقال أن مقترح الحكم الذاتي المغربي يقدم صيغة واقعية وقابلة للتطبيق، تضمن لسكان الأقاليم الجنوبية تسييرا ذاتيا واسعا وتمثيلية ديمقراطية ضمن السيادة المغربية، وهو ما وصفه مجلس الأمن الدولي في قراره الأخير بأنه الحل الأكثر جدية ومصداقية، كما اعتبر معهد هدسون أن الجزائر تنفق بسخاء على التسلح وتمويل جبهة البوليساريو دون أن تجني أي مكاسب سياسية أو دبلوماسية، في وقت يعيش فيه اقتصادها عزلة بسبب الانغلاق وغياب الإصلاحات.

في المقابل، نجح المغرب في تحويل مساره نحو التنمية والتكامل الإفريقي، من خلال استثمارات كبرى في الموانئ والصناعات والتجارة، وبتنفيذ مشاريع استراتيجية مثل أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب الذي سيمر عبر 13 دولة ليصل إلى أوروبا، ما يجعل المملكة لاعبا محوريا في تأمين الطاقة والاستقرار بالقارة.

واعتبر المقال أن السلام بين المغرب والجزائر ليس حلما مثاليا، بل خيار واقعي قد يفتح الباب أمام تعاون اقتصادي غير مسبوق بين أكبر اقتصادين في شمال إفريقيا، ويعيد فتح الحدود المغلقة منذ 1994، ويفتح شرايين التجارة من الأطلسي إلى المتوسط، كما دعا الإدارة الأمريكية إلى دعم هذا المسار، لما يمثله من فرصة لإعادة ترسيخ نفوذها في منطقة استراتيجية غنية بالموارد ومفتوحة على الساحل وأوروبا.

ويخلص تحليل معهد هدسون إلى أن الجزائر تملك اليوم ثلاث فرص لا ينبغي التفريط فيها وهي الاستفادة من الإطار السياسي الذي يوفره مقترح الحكم الذاتي المغربي، الانفتاح على السوق الإقليمية والدولية، والتحرر من التبعية الاقتصادية والعسكرية لروسيا والصين، أما بالنسبة للمغرب، فإن أي تسوية دائمة للنزاع ستعزز موقعه كفاعل استراتيجي في الأمن الإقليمي والتنمية الإفريقية.

ويبدو من خلال هذا المنظور أن واشنطن، وهي تعود إلى شمال إفريقيا من بوابة الرباط، تعي أن الطريق إلى استقرار المنطقة يمر عبر الاعتراف بالواقعية السياسية التي كرسها التاريخ والميدان، وأن المستقبل لن يكون إلا للحلول التي تجمع لا التي تفرق.