ورقة بحثية تحذر: السرطان يتصاعد بهدوء في العالم النامي ويهدد ملايين الأرواح
بينما تتركز الأنظار عالمياً على أزمات مثل تفشي الأمراض المعدية ومقاومة المضادات الحيوية، تنبه دراسة بحثية حديثة إلى أزمة صحية صامتة آخذة في التصاعد: السرطان ينتشر بوتيرة مقلقة في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الدول ذات الموارد المحدودة.
ففي ورقة علمية أعدها الدكتور فيكرام نيرانجان من جامعة ليميريك الأيرلندية، والتي نُشرت تفاصيلها في صحيفة إندبندنت، يُحذر الباحث من أن ملايين الأشخاص سيعيشون ويموتون بأنواع سرطانية يمكن الوقاية منها خلال العقود المقبلة، إذا لم يتم اتخاذ خطوات جدية وعاجلة على مستوى العالم. وتشير الدراسة إلى أن جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء من أكثر المناطق تأثراً بالتوقعات القاسية.
اعتمد التحليل على بيانات من 204 دولة، وغطّى 18.5 مليون حالة إصابة جديدة بالسرطان و10.4 مليون حالة وفاة، ليتبين أن نحو 41.7% من الوفيات في عام 2023 ناتجة عن عوامل يمكن تعديلها، مثل: التبغ، الكحول، النظام الغذائي السيئ، الوزن الزائد، تلوث الهواء، والتعرض المهني والبيئي الضار.
ولفت نيرانجان إلى تحوّل مقلق يتمثل في أن السرطان لم يعد مقصوراً على كبار السن، بل أصبحت بعض أنواعه تُشخّص لدى الشباب بوتيرة متزايدة، ما يضاعف التحديات أمام الأنظمة الصحية في مختلف الدول.
وشدد التقرير على أن الاستجابة الفعالة لهذه الأزمة تتطلب ما هو أبعد من مبادرات مجزأة. إذ من الضروري اعتبار الوقاية أولوية عالمية، من خلال توسيع برامج الكشف المبكر للسرطانات القابلة للفحص، مثل سرطان الثدي، عنق الرحم، والقولون والمستقيم، وهي تدخلات يمكن أن تنقذ آلاف الأرواح لكنها لا تزال غائبة أو نادرة في أغلب الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وللحد من العبء المتزايد، دعا الباحث إلى تعزيز سياسات الصحة العامة، مثل مكافحة التدخين، وتنظيم جودة الهواء، ومكافحة السمنة، وتحسين ظروف بيئة العمل. كما شدد على أن الأنظمة الصحية تحتاج إلى توسعة شاملة في البنية التحتية والخدمات، تشمل تجهيز مختبرات علم الأمراض، وتدريب الكوادر الطبية المتخصصة، وتأمين علاجات فعالة بأسعار في متناول الجميع.
وفي ظل هذه المؤشرات، تبقى الوقاية والتشخيص المبكر حجر الأساس في معركة طويلة الأمد ضد السرطان، خاصة في الأماكن التي تواجه تحديات اقتصادية وتقنية في توفير الرعاية الصحية المتقدمة.
