الجزائر تشهر آخر أوراقها الضاغطة.. هل يكون للنفط والغاز دور في تراجع أمريكا عن موقفها الداعم لمغربية الصحراء؟

بعد أن فقدت كل الأمل في تحقيق أي مكاسب دبلوماسية على الميدان، وبعد الانتصارات الكبرى والاعترافات المتتالية لصالح ملف الصحراء المغربي، وجدت الجزائر نفسها مضطرة للعب آخر أوراقها، وهنا الحديث عن "النفط والغاز"، في محاولة أخيرة لاستمالة موقف أمريكا لصالحها، بعد أن اتضح بشكل جلي أن نزاعها المفتعل مع المغرب أوشك على نهايته.
وارتباطا بالموضوع، يرى عدد من المحللين أن النظام الجزائري يحاول اليوم استغلال ثرواته الطبيعية بهدف توظيفها كأداة ضغط واستمالة للولايات المتحدة، عبر فتح قنوات تعاون مع شركات أمريكية كبرى من قبيل "هاليبرتون" و"إكسون موبيل" و"شيفرون"..، في محاولة يائسة لتحويل مصالح اقتصادية إلى نفوذ سياسي غير مباشر داخل دوائر القرار في واشنطن.
غير أن الوقائع تشير بوضوح إلى محدودية المناورة الجزائرية، حيث يؤكد ذات المهتمين أن واشنطن، ومنذ اعترافها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية سنة 2020، لم تُظهر أي استعداد للتراجع، كما أكدت في أكثر من مناسبة أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي الحل الواقعي والدائم للنزاع المفتعل، لافتين الانتباه إلى أن الانفتاح الجزائري على الشركات الأمريكية، مهما كان بريقه الإعلامي، لن يغير من هذا الواقع شيئًا، إذ يظل الرهان على ورقة الطاقة محاولة شبه يائسة للالتفاف على موقف سياسي أمريكي راسخ و متجذر.
حتى على المستوى الاقتصادي، تشير تقارير إعلامية إلى أن هذه الخطوة محدودة الفاعلية، على اعتبار أن واشنطن توازن بين مصالحها في الجزائر وعمق شراكتها مع المغرب، التي تشمل الدفاع والأمن والاستقرار الإقليمي، ما يجعل من الصعب لأي ورقة طاقية أن تُحدث اختراقًا دبلوماسيًا حقيقيًا، مشددين على أن الجزائر، التي تراهن على إدخال التكنولوجيا الحديثة ونقل الخبرات عبر هذه الشركات، لا تخفي طموحها لاستثمار كل ورقة متاحة، لكن تحركاتها تكشف عن تراجع كبير في وزنها السياسي الإقليمي، مقارنة بالمغرب الذي يحافظ على زخم الانتصارات الدبلوماسية والشراكات الإستراتيجية.
في النهاية، يجمع ذات الخبراء على أن الجزائر تلعب على ورقة النفط والغاز كملاذ أخير، لكن الزمن السياسي أثبت أن هذه الموارد، مهما بلغت أهميتها الاقتصادية، لا تكفي لخلق تحول حقيقي في مواقف أمريكية راسخة، ولا لتعويض الخسائر الدبلوماسية المتتالية. أما المغرب، فمستمر في تعزيز حضوره الدولي وشرعيته في الصحراء، مثبتًا أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي ليست خيارًا سياسيًا فقط، بل استراتيجية صلبة تجعل من أي محاولة جزائرية لتغيير الموازين مجرد مناورة محدودة التأثير.