الطيار لـ"أخبارنا".. ملف الصحراء المغربية على وشك الحسم والجزائر والبوليساريو أمام خيارين لا ثالث لهما

في قراءة تحليلية جديدة للمشهد السياسي والدبلوماسي المرتبط بملف الصحراء المغربية، اعتبر "محمد الطيار"، باحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، ورئيس المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية، أن الجزائر وجبهة البوليساريو وصلتا إلى مفترق حاسم، يضعهما أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الانخراط الصادق في الحل السياسي الذي تؤطره قرارات مجلس الأمن والمبادرة المغربية للحكم الذاتي، أو مواجهة خطر تصنيف الإرهاب والعزلة الدولية.
وارتباطا بالموضوع، أوضح "الطيار" في حديث خاص لموقع "أخبارنا" أن بيان جبهة البوليساريو الصادر في 21 أكتوبر 2025 والموجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والذي جاء في شكل ما سُمّي بـ"مقترح موسع"، ليس سوى محاولة لتجميل أطروحة الانفصال وتقديمها في ثوب دبلوماسي بعد أن فقدت كل شرعية ميدانية وسياسية. وأضاف أن هذا البيان يستبطن قراءة مقلوبة لقرارات مجلس الأمن، وخاصة القرار 2756 (2024)، الذي شدد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم قائم على التوافق، وهو ما يجسده حصريا المقترح المغربي للحكم الذاتي.
في سياق متصل، أكد الباحث المغربي أن التحول في منطق الشرعية الدولية خلال العقدين الأخيرين أفرز واقعا جديدا انتقل من فكرة "الاستفتاء" إلى منطق "الحل السياسي التوافقي"، بعدما أدركت الأمم المتحدة استحالة تطبيق خيار الاستفتاء، لما يحمله من مخاطر على الاستقرار الإقليمي.
كما أوضح المتحدث ذاته أن المقترح المغربي للحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب سنة 2007، يقدم إطارا مؤسسيا يحفظ السيادة الوطنية ويمنح سكان الأقاليم الجنوبية صلاحيات واسعة في تدبير شؤونهم المحلية، وهو ما اعتبرته قرارات مجلس الأمن "حلا جديا وذا مصداقية".
وشدد "الطيار" على أن استمرار الجزائر والبوليساريو في التمسك بخطاب الاستفتاء لم يعد سوى رهان على الوهم السياسي ومحاولة لإدامة نزاع مفتعل يخدم أجندة حلم الهيمنة الإقليمية للجزائر. وأضاف أن المجتمع الدولي يقف اليوم أمام مرحلة جديدة تفرض الانتقال من منطق "التسوية السياسية المفتوحة" إلى منطق المساءلة والمحاسبة، مشيرا إلى أن جبهة البوليساريو، من خلال أنشطتها العسكرية ضد المدنيين منذ قيامها، وانخراطها في شبكات تهريب الأسلحة والبشر والمخدرات وتوسع روابطها بالحركات الإرهابية، أصبحت تفي بكل المعايير المعتمدة دوليا لتصنيفها حركة إرهابية وفق قرارات مجلس الأمن ومعايير الاتحاد الإفريقي المتعلقة بمكافحة الإرهاب.
إلى جانب ذلك، أشار الباحث في تصريحه لـ"أخبارنا" إلى أن الجزائر، بصفتها الراعي السياسي والعسكري والمالي لهذه الحركة المسلحة، تتحمل مسؤولية قانونية مباشرة قد ترقى إلى وصفها بـ"دولة راعية للإرهاب"، تبعًا لمبدأ "مسؤولية الدولة عن الأفعال غير المشروعة دوليا.
وأضاف "الطيار" أن مقاربة المغرب الواقعية والبراغماتية، القائمة على الحكم الذاتي كخيار استراتيجي، جعلت قضية الصحراء تمر إلى مرحلة الحسم، مشددا على أن المجتمع الدولي لم يعد مستعدا لقبول استمرار هذا النزاع كمصدر لعدم الاستقرار في الساحل والصحراء، خصوصا في ظل تزايد تهديدات الجماعات المتطرفة وتنامي الارتباط بين البوليساريو وبعضها.
وعلى ضوء ما سلف ذكره، قال الخبير الأمني والاستراتيجي في ختام تصريحه لـ"أخبارنا": "لقد انتهى زمن الابتزاز السياسي، وحان وقت الواقعية وتحمل المسؤولية"، قبل أن يتابع قائلا: "إما أن تختار الجزائر والبوليساريو طريق الحل السياسي، وإما أن تسجلا نفسيهما في خانة الإرهاب والعزلة الدولية".