المبادرة الأمريكية لحل نزاع الصحراء..خلفيات الدعم الأمريكي للمغرب

في سياق القرار الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي يكرس خطة الحكم الذاتي المغربية كأساس لحل نزاع الصحراء، تبرز المبادرة الأمريكية الأخيرة كخطوة بارزة تهدف إلى تقريب المواقف بين المغرب والجزائر، وسط متغيرات إقليمية ودولية تستدعي تقاربًا استراتيجيًا بينهما.
المبادرة التي تركز على دعم خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب، تضعها كإطار رئيسي لحل النزاع، وتُعزز من دور الولايات المتحدة كوسيط رئيسي في هذه القضية الشائكة.
منذ عام 2020، أظهرت الولايات المتحدة دعمًا ثابتًا للمغرب في قضيته الصحراوية، حيث اعتبرت خطة الحكم الذاتي التي تقدمها الرباط في الصحراء هي الأساس الوحيد للتسوية، وهو موقف دعمته عدة دول غربية مثل إسبانيا وفرنسا والمملكة المتحدة.
هذا التوجه يأتي في إطار أوسع يهدف إلى استقرار منطقة المغرب العربي وتعزيز التعاون بين دوله، خاصة في المجالات الاقتصادية والأمنية.
لكن المبادرة الأمريكية، حسب عدد من المحللين، تأتي في وقت حساس، حيث تشهد المنطقة تحديات جيوسياسية تتطلب تحولات دبلوماسية.
الإدارة الأمريكية، في ظل قيادة الرئيس دونالد ترامب، كانت تسعى إلى منع التوسع الروسي والصيني في منطقة الساحل والصحراء، التي أصبحت ساحة لصراعات جديدة على النفوذ، بما في ذلك التهديدات الإرهابية والتدخلات العسكرية.
الجزائر التي كانت تدعم بشكل قاطع جبهة البوليساريو منذ بداية النزاع في السبعينات، تجد نفسها اليوم في وضع حساس. من جهة، تتعرض لضغوط أمريكية متزايدة بسبب علاقتها العسكرية مع روسيا، التي تسعى واشنطن إلى تقليص تأثيرها في المنطقة.
ومن جهة أخرى، تشهد الجزائر تحديات داخلية تتعلق بالاستقرار السياسي والاقتصادي، مما يجعلها أقل قدرة على التصعيد في نزاع الصحراء، حيث أصبحت قضية الأمن الإقليمي وأزمة الساحل تؤثر بشكل أكبر على أولوياتها.
إلى جانب الضغوط السياسية والاقتصادية، تسعى الجزائر إلى الحفاظ على موقفها الإقليمي كقوة كبرى في شمال إفريقيا، وتحرص على أن تظل ركيزة أساسية في التحولات التي يشهدها المغرب العربي.
ورغم التصعيد الذي يبديه نظام الكابرانات، تشير بعض التحليلات أن هناك مؤشرات على استعداد الجزائر لإعادة النظر في موقفها، خاصة مع تحركات دبلوماسية أمريكية، كان آخرها زيارة المستشار الأمريكي مسعد بولس إلى الجزائر، والتي ناقشت سبل التوصل إلى حل سياسي للنزاع.
الولايات المتحدة، من خلال دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية، تأمل في إحداث اختراق دبلوماسي يعزز من استقرار المنطقة ويحقق أهدافًا استراتيجية تشمل دمج الاقتصادات المغاربية، تعزيز التعاون الأمني، والتصدي للتحديات الجيوسياسية التي تتهدد المنطقة، مثل النفوذ الروسي والصيني، إضافة إلى قضايا الإرهاب وإدارة الهجرة.
ومن خلال هذا الدفع الأمريكي، يتم تعزيز دور المغرب كجسر اقتصادي نحو إفريقيا، في الوقت الذي تواجه فيه الجزائر تحديات متزايدة على صعيد علاقاتها الدولية.
وتسعى المبادرة الأمريكية إلى تحويل النزاع الصحراوي من قضية إقليمية إلى أداة لتحقيق الاستقرار في شمال إفريقيا، حيث تُعتبر خطوة كبيرة نحو تهدئة التوترات بين المغرب والجزائر، وبالتالي فتح باب التعاون بين البلدين في ملفات حيوية مثل مكافحة الإرهاب، الأمن الإقليمي، والتعاون الاقتصادي.
لكن يبقى التساؤل: هل ستنجح هذه المبادرة في تجاوز العقبات العميقة التي تقف أمام تسوية حقيقية في نزاع الصحراء المفتعل؟