خبرة المتقاعدين تُضيء مسارات التعلم بجهة فاس مكناس: مبادرة نوعية تُعزز آليات الدعم التربوي

في خطوة تستحضر الحكمة التربوية وتستثمر رصيد الخبرات، أعلنت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس مكناس عن فتح باب المشاركة أمام الأساتذة المتقاعدين لتقديم حصص الدعم التربوي خلال الموسم الدراسي 2025-2026. هذه المبادرة التي تأتي تنزيلاً لخارطة طريق الإصلاح 2022-2026، تُعد استراتيجية ذكية تجمع بين استثمار خبرة المتقاعدين ومواجهة تحديات تحسين جودة التعلمات.
في مشهد تعليمي يتسم بتسارع المتغيرات التربوية، تبرز الحاجة إلى الاستفادة من الخبرات التربوية المتراكمة. الأساتذة المتقاعدون يمثلون كنزاً معرفياً ثميناً، إذ قضوا عقوداً في ممارسة المهنة وأثْرُوا المسارات التعليمية بتجاربهم. بإشراكهم في عملية الدعم التربوي، لا تُقدم الأكاديمية مجرد خدمة تأطيرية للتلاميذ فحسب، بل تُحيي أيضاً "ذاكرة الميدان" التي تختزن أفضل الممارسات وأنجع الطرق لمعالجة صعوبات التعلم.
تأتي هذه المبادرة في إطار مساعي الأكاديمية لتحسين جودة التعلمات وإعداد التلميذات والتلاميذ للاستحقاقات والامتحانات. الدعم التربوي الذي يقدمه المتقاعدون، بمنهجيتهم المحكمة وصبرهم المعهود، سيسد ثغرات قد تعجز الحصص الدراسية النظامية عن معالجتها، خاصة في المواد الأساسية التي تشكل تحدياً للعديد من المتعلمين.
لا تأتي هذه الخطوة من فراغ، بل هي استمرار لسلسلة من الإجراءات التطويرية التي بدأت تثمر على أرض الواقع. فخلال سنتين فقط، قفزت أكاديمية جهة فاس مكناس من الرتبة 11 إلى الرتبة السادسة وطنياً في نتائج امتحانات البكالوريا. هذا التقدم الملحوظ يُعتبر دليلاً على فعالية السياسات التربوية المنتهجة، ومن بينها برامج الدعم التربوي التي تم تطويرها وتوسيع نطاقها.
الإعلان يشير إلى "ترصيد التجربة الناجحة التي أبانت عنها عملية الدعم التربوي برسم الموسم الدراسي المنصرم"، مما يؤكد أن الأكاديمية تعتمد على مقاربة التدرج في بناء برامجها، مستندة إلى تقييم دقيق للمبادرات السابقة. هذا النهج التراكمي في التخطيط يضمن استدامة الجهود ويزيد من فرص نجاحها.
مشاركة الأساتذة المتقاعدين لا تقتصر على الجانب الأكاديمي فقط، بل تمتد إلى الجانب النفسي والاجتماعي. وجود هؤلاء الأساتذة، الذين يتمتعون عادةً بصفات الحكمة والخبرة، سيساهم في خلق بيئة تعليمية داعمة، ستُشعر التلاميذ بالأمان وستُعزز ثقتهم بأنفسهم. كما أن هذه المبادرة تُعيد للمتقاعدين شعورهم بقيمتهم المجتمعية، وتستثمر طاقاتهم في مشروع تنموي وطني.
مبادرة أكاديمية فاس مكناس تُظهر أن الإصلاح التربوي الحقيقي لا يعني فقط تطوير البنى التحتية أو المناهج، بل أيضاً استثمار الكفاءات البشرية التي تختزن خبرات لا تقدر بثمن. بإشراك الأساتذة المتقاعدين، تكون الأكاديمية قد وضعت أسساً لشراكة مجتمعية فاعلة قد تكون نموذجاً يُحتذى به على الصعيد الوطني. هذه المقاربة التكاملية هي التي ستُحدث الفارق في مسار تعليمي طموح، يُحقق للتلاميذ التميز ويبني مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة.