ماذا يحدث في الجزائر؟ بعد "النهار".. قناة "الشروق" تنقلب بدورها على "تبون" وتفضح كل تصريحاته السابقة (فيديو)

في تطور غير مسبوق بالجزائر، شرعت قنوات كانت حتى وقت قريب أداة مطيعة للنظام العسكري في قلب قواعد اللعب الإعلامي، لتكشف فجوة صادمة بين الواقع المعيشي القاسي للمواطنين وتصريحات الرئيس تبون الرسمية عن "النجاحات الاقتصادية"، في تحوّل قد يُوصف بـ"الانقلاب الصامت" داخل الإعلام الجزائري.
أولى إشارات هذا "الانقلاب الصامت"، قادته قناة "النهار" التي فتحت النار أولاً بنشرها خريطة المغرب كاملة ضمن نشر أخبار الطقس، في خطوة وصفها مراقبون بأنها أكثر من مجرد خطأ فني، بل رسالة صامتة عن تراجع الولاء التقليدي للنظام العسكري الحاكم في الجزائر.
ساعات عقب ذلك، جاءت قناة "الشروق" لتصب النار على الزيت عبر روبورتاج حي وصادم من سوق "سوريكال" بالعاصمة الجزائر، كشف بالملموس الارتفاع الصاروخي الذي تعرفه أسعار الفواكه والخضر واللحوم التي تجاوزت قدرة المواطن العادي، إلى جانب النقص الحاد في السلع الأساسية، وهي الحقائق التي فندت تصريحات الرئيس تبون جملة وتفصيلا، بعد أن زعم قبل أسابيع أن بلاده حققت "قفزة نوعية" في الإنتاج الفلاحي الوطني، مع نماذج ناجحة في العنب ببومرداس والتفاح بالأوراس.
الروبورتاج لم يكتفِ بتوثيق الغلاء، بل أظهر استياء المواطنين وتناقض الأرقام الرسمية مع الواقع اليومي، ما يجعل المشهد أكثر تعقيدًا ويطرح احتمالات متعددة: هل نحن أمام رسائل تحذيرية للنظام من غضب الشارع، أم استعراض لاستقلالية جزئية للقنوات لجذب جمهور أكثر وعيًا، أم تحريك للرأي العام تمهيدًا لتغييرات سياسية قادمة، أم هي بداية لإعادة رسم العلاقة بين الرئاسة والمؤسسة العسكرية؟
مهما كانت الدوافع، تبقى الحقيقة واضحة: الإعلام الذي كان سابقًا صدى للنظام، صار اليوم منصة لفضح الواقع، وكشف هشاشة واهتراء السياسات الاقتصادية، ما يطرح أسئلة صعبة عن مستقبل السلطة في الجزائر، ويشير إلى أن "الانقلاب الصامت" ليس مجرد حدث إعلامي عابر، بل مؤشر على تحول عميق في موازين القوى داخل الدولة.