مظاهرات "جيل زاد".. من يجر البلاد إلى معترك صعب؟

عاشت عدة مدن مغربية، مساء أمس السبت، على وقع احتجاجات متفرقة قادها شباب منخرطون في حملة "جيل زاد"، التي رفعت شعارات تعكس تصاعد الغضب من الأوضاع التي يعيشها قطاعا الصحة والتعليم. ورغم محدودية الأعداد في كثير من المحطات، فقد واجهت السلطات هذه التحركات بتدخلات أمنية أسفرت عن اعتقال العشرات من المشاركين، قبل أن يتم الإفراج عنهم جميعاً في وقت متأخر من الليلة نفسها.
هذه التحركات التي حاول منظموها نقلها من العالم الافتراضي إلى الشارع، سرعان ما أثارت جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت المواقف بين من رأى في الاعتقالات مساساً بالحق الدستوري في الاحتجاج السلمي، ومن حذّر من خطورة مواجهة غضب الشارع عبر المقاربات الأمنية التي "لم تثبت نجاعتها في تجارب سابقة".
ويطرح مشهد الاحتجاجات الأخيرة سؤالاً محورياً حول من يجر البلاد إلى معترك صعب. فبينما يذهب بعض المراقبين إلى القول إن جهات خارجية تحاول التأثير على الشارع ودفعه للخروج من أجل التظاهر، يرى آخرون أن المطلوب من الدولة هو التدخل العاجل لاحتواء المشاكل الداخلية، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم، قبل أن تتحول الأوضاع إلى حالة يصعب التحكم فيها. ويؤكد هؤلاء أن الاحتجاج السلمي مشروع في جوهره، وأن التعامل معه يجب أن يكون عبر التأطير والاستجابة لمطالب الشباب المشروعة، وليس بالقمع، إلا إذا ثبت العكس بالممارسات الفعلية.
نشطاء وفاعلون مدنيون اعتبروا أن "الاحتجاجات الشبابية الأخيرة ليست سوى انعكاس حقيقي لخيبات أمل متراكمة بسبب فشل السياسات العمومية في مجالات حيوية كالصحة والتعليم"، مشددين على أن "الدولة مطالبة بالإنصات إلى نبض الشارع وتقديم إجابات عملية بدل الاكتفاء بالحلول الأمنية".
في سياق متصل، تساءلت تعليقات عديدة عن "الغياب اللافت لدور الأحزاب السياسية في تأطير النقاش العمومي واستيعاب مطالب الشباب"، معتبرة أن "اتساع الهوة بين هذه الهيئات والمؤسسات التمثيلية من جهة، وبين الأجيال الجديدة من جهة أخرى، يشكل جرس إنذار يحذر من تحول مقلق في علاقة الشباب بالسياسة".
كما دعا مهتمون إلى إطلاق نقاش وطني مفتوح عبر المدن المغربية، يتيح للشباب التعبير عن تطلعاتهم بشكل منظم، ويساهم في إعادة بناء جسور الثقة بين الدولة والمجتمع، مع ضرورة محاسبة المسؤولين الذين فشلوا في تدبير الملفات الاجتماعية، "بدل اعتقال شباب لا يملكون سوى أصواتهم وحقهم في الاحتجاج".
ورغم الإفراج عن جميع المعتقلين، فإن النقاش المتواصل على منصات التواصل الاجتماعي يعكس أن ملف "جيل زاد" مرشح لمزيد من التفاعل، في ظل اتساع دائرة الغضب الشبابي وغياب مؤشرات على حلول عاجلة للأزمات الاجتماعية التي شكلت شرارة هذه التحركات.