وسط ضغوط دولية.. انقسام في حماس يهدد مبادرة ترامب لوقف الحرب

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن حركة "حماس" تعيش على وقع انقسام داخلي حاد بشأن خطة السلام التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تتضمن وقفاً لإطلاق النار في قطاع غزة مقابل تسليم الرهائن ونزع سلاح المقاومة.
وأوضحت الصحيفة أن قيادة الحركة لم تتوافق بعد على المضي قُدماً في تفاصيل الاتفاق، إذ يتبنى الجناح السياسي موقفاً ميالاً للقبول المشروط بالخطة، بينما يرفض الجناح العسكري أي التزام قد يُنظر إليه باعتباره خضوعاً لإملاءات واشنطن وتل أبيب.
وذكرت الصحيفة أن بيان "حماس" الأخير، الذي عبّر عن استعداد مبدئي للتخلي عن إدارة غزة وتسليم الرهائن، شكّل تطوراً ملحوظاً في مسار الوساطة الأمريكية، غير أن غموض الصياغة أثار شكوكا لدى دبلوماسيين حول نوايا الحركة ومدى التزامها الفعلي.
وأكدت معطيات الصحيفة أن خليل الحية، أبرز مفاوضي الحركة والمقيم خارج القطاع، يقود توجهاً يدعو لقبول الخطة مع تعديلات تحفظ ماء وجه التنظيم، وتسهم في إخراجه من دوامة الحرب عبر تسوية سياسية تحفظ له موقعاً في المشهد الفلسطيني.
وفي المقابل، يرفض القائد الميداني الجديد عز الدين الحداد، الذي تولى زمام الأمور بعد مقتل الأخوين السنوار، أي خطوة دون ضمانات ملموسة بانسحاب إسرائيلي شامل من القطاع، رافضاً ما يعتبره "هدنة مموّهة" تُغلف بشعارات السلام.
وأضافت الصحيفة أن الحداد عبّر عن مرونة نسبية في ما يخص تسليم الصواريخ والأسلحة الثقيلة إلى جهات دولية مثل مصر أو الأمم المتحدة، لكنه أصرّ على الاحتفاظ بأسلحة فردية دفاعية، لتفادي انهيار بنية المقاومة في وجه أي هجوم مفاجئ.
كما حذّر عدد من القادة الميدانيين من أن نزع السلاح قد يفجّر الوضع الداخلي، بفعل ما اعتبروه "خيانة لدماء الشهداء"، خاصة في ظل التحاق مئات الغاضبين بالحركة خلال الحرب، بعدما فقدوا أقاربهم أو مساكنهم بفعل القصف الإسرائيلي.
واعتبرت مصادر دبلوماسية أن المهلة المحددة في خطة ترامب، والتي تنص على تسليم جميع الرهائن، أحياءً وأمواتاً، في غضون 72 ساعة من توقيع الاتفاق، تشكّل تحدياً كبيراً للحركة، وتزيد من شكوك المعارضين داخل صفوفها.
وأكد دبلوماسيون عرب، وفق ما نقلته الصحيفة، أن بعض الوسطاء نبّهوا قادة "حماس" إلى أن الفرصة قد لا تتكرر، محذرين من أن استمرار الرفض سيُفقد الحركة أي دعم سياسي مستقبلي، وسيكرّس عزلة دولية متزايدة عنها.
وسجّلت "وول ستريت جورنال" أن الوضع المالي المتأزم للحركة، المتمثل في عجزها عن دفع رواتب مقاتليها، أضعف بشكل واضح قبضة القيادة على وحداتها الميدانية، حيث بدأت بعض المجموعات في التصرف باستقلالية تامة، معتمدة على حرب عصابات بأسلحة بدائية.
وأوردت الصحيفة أن جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، مبعوثي البيت الأبيض، توجها إلى القاهرة لبحث تفاصيل الصفقة، خصوصاً ما يتعلق بتسليم الرهائن وضمانات نزع السلاح، في انتظار تفاعل "حماس" النهائي مع المقترح.
وفي إسرائيل، أبدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو موقفاً متذبذباً، إذ عبّر عن "استعداد مبدئي للتعاون" مع واشنطن في تنفيذ الخطة، لكنه بالمقابل، لم يصدر أمراً صريحاً بوقف العمليات العسكرية، مفضّلاً الدخول في وضعية دفاعية ترقّباً لأي طارئ.
كما أفادت القناة الإسرائيلية 12 أن نتنياهو لا يعتبر رد "حماس" إيجابياً، ويُبقي على هامش مناورة مفتوح، في ظل تباين ردود الأفعال داخل المؤسسات الإسرائيلية.
وشددت الصحيفة على أن إخفاق "حماس" في توحيد صفوفها حول موقف واضح من الخطة الأمريكية قد يؤدي إلى انشقاقات خطيرة، ويدفع بعض مقاتليها للالتحاق بفصائل أكثر تشدداً، مثل "الجهاد الإسلامي" أو "الجبهة الشعبية"، ما سيزيد من تعقيد جهود وقف إطلاق النار.
وختمت الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أن فرص إنهاء الحرب تتضاءل أمام تعنّت الميدان وغموض القيادة، في وقت تدفع فيه غزة ثمناً باهظاً من أرواح سكانها وأمنهم، وسط صمت دولي مقلق ومفاوضات متأرجحة بين قبول سياسي ورفض عسكري.