اختفاء مفاجئ لمجموعات تنسيق احتجاجات "جيل زاد" على تطبيق ديسكورد

في تطور لافت للأحداث التي تعرفها الساحة المغربية منذ اندلاع احتجاجات "جيل زاد 212"، شهد تطبيق "ديسكورد" خلال الساعات الماضية اختفاء مفاجئا للمجموعة المركزية التي كانت تشكل القلب النابض للتنسيق بين آلاف الشباب المشاركين في التعبئة الرقمية والميدانية، حيث اختفت المجموعة، التي كانت تضم قنوات فرعية تحمل أسماء المدن المغربية وتستخدم لتنظيم التحركات والوقفات، بشكل كامل دون سابق إنذار، تاركة خلفها تساؤلات كثيرة حول أسباب هذا التوقف الغامض.
وبحسب ما رصده متابعون، فقد تم تعويض تلك المجموعة بأخرى جديدة تحمل اسم "معلومات المعتقلين"، وهي تضم بدورها قنوات فرعية موزعة حسب المدن، لكنها تختلف من حيث المحتوى والغاية، إذ باتت النقاشات داخلها تدور حول جمع المعطيات المتعلقة بالأشخاص الذين يعتقد أنهم اعتقلوا خلال موجة الاحتجاجات الأخيرة، وذلك عبر تبادل بعض الأعضاء لأسماء ومعلومات يقال إنها تعود لموقوفين، فيما يناقش آخرون مواضيع بعيدة كل البعد عن ذلك.
ويعكس هذا التحول في طبيعة النشاط الرقمي انتقال الحركة من مرحلة التعبئة الميدانية إلى مرحلة توثيق ومتابعة ما تصفه بـ"الاعتقالات التعسفية"، بعد أن شهدت مدن مغربية عدة مواجهات عنيفة بين بعض النخربين الجانحين وقوات الأمن، حيث وبعد أن أعلنت حركة "جيل زاد" تعليق احتجاجاتها مؤقتا لما وصفته بـ"الاستراحة التنظيمية"، جاء اختفاء المجموعة الرئيسية ليزيد من حيرة المتتبعين الذين تساءلوا إن كان الأمر يتعلق بإجراء أمني، أو بقرار داخلي اتخذته القيادة المجهولة للحركة لحماية أعضائها من الاختراق والتتبع.
ورجحت مصادر متطابقة أن يكون الاختفاء نتيجة إغلاق إداري من إدارة تطبيق "ديسكورد" بعد بلاغات متعددة، خصوصا أن المحتوى المرتبط بالتعبئة الميدانية يمكن أن يصنف ضمن الأنشطة الحساسة التي تخضع للمراقبة، فيما يرى آخرون أن المشرفين على المجموعات قرروا حذفها طوعا، بسبب توقيف شباب نسبت إليهم مسؤوليات في التنظيم والتعبئة وذلك مخافة اكتشاف أمرهم بعد الغياب.
ويأتي هذا المستجد في وقت ما تزال فيه الأوضاع مشحونة في عدد من المدن المغربية، حيث لم تخمد تماما تداعيات الاحتجاجات التي اندلعت قبل نحو أسبوعين للمطالبة بإصلاحات في مجالي التعليم والصحة ومحاربة الفساد، إذ وبينما عبرت الحكومة عن استعدادها للحوار، يؤكد نشطاء "جيل زاد" عبر قنوات بديلة أنهم مستمرون في الترافع الرقمي إلى حين تحقيق المطالب التي رفعوها منذ انطلاقة حركتهم.
ويرى متتبعون أن تحول النشاط من التنسيق الميداني إلى رصد وتوثيق الاعتقالات يمثل مرحلة جديدة في مسار هذه الحركة الشبابية، التي بدأت تتخذ طابعا حقوقيا أكثر منه احتجاجيا، كما أن غياب المجموعة الأصلية على "ديسكورد" قد يفتح الباب أمام تشتت القواعد الرقمية أو ظهور مجموعة بديلة قد تعيد تنظيم الصفوف بأساليب أكثر سرية واحترافية.