المركزيات النقابية تواصل رفضها عقد اللجنة التقنية لإصلاح التقاعد إلا بشروط

على الرغم من الهدوء المقلق المرافق لنقاشات ملف إصلاح أنظمة التقاعد، إلا أن المواجهة بشأنه متواصلة على واجهات الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية، خصوصا مع رفض هذه الأخيرة استئناف اجتماع اللجنة التقنية لإصلاح التقاعد، وربطها ذلك بإعلان الحكومة عن تصور ومقاربة واضحين للإصلاح المرتقب.
الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)، وخلال اجتماع مكتبها التنفيذي الأخير يوم الأربعاء الماضي، واصلت رفضها تحديد أي موعد مستقبلي مع الحكومة ما لم يكن مقرونا برؤية محددة وموثقة حول طبيعة الإصلاح الذي تنوي الحكومة طرحه، مؤكدة أن عقد لقاءات شكلية دون وضوح في المقاصد والمضامين، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الغموض والتأجيل.
مصدر من داخل قيادة الكونفدرالية نفسه أوضح من جانبه أن النقابة ترفض عقد اجتماع اللجنة التقنية في ظل استمرار مؤشرات غياب أرضية أو فكرة عن توجه الحكومة في هذا الملف، مضيفا أن جولة الحوار الاجتماعي لشهر شتنبر التي لم تُعقد، ساهمت بدورها في تعميق أزمة الثقة بين الطرفين، مؤكدا أن ملف التقاعد من أكثر الملفات الاجتماعية حساسية، وقد أثار جدلا واسعا حتى في دول كبرى مثل فرنسا، مشيرا إلى أن موقف النقابات واضح، ويتمثل في رفض أي إصلاح يقوم على رفع سن التقاعد أو زيادة الاقتطاعات أو خفض المعاشات ما لم يواكبه تصور شامل يضمن استدامة الصناديق وحماية القدرة الشرائية للمتقاعدين، يؤكد ذات المصدر.
وعلى الرغم من توقف أشغال اللجنة التقنية، إلا أنه من المقرر أن تُرفع نتائجها إلى اللجنة الوطنية قبل شهر أبريل 2026، حيث سيتم الحسم في الخطوط العريضة للسيناريو الإصلاحي، وبعد ذلك ستنتقل الحكومة إلى المرحلة الثانية المتمثلة في إعداد النصوص التشريعية والتنظيمية اللازمة لتنزيل الإصلاح، على أن تُعرض على البرلمان خلال بداية ماي 2026.
ويعد إصلاح أنظمة التقاعد من أبرز التحديات التي تواجه المالية العمومية في المغرب، في ظل عجز هيكلي مزمن تعاني منه بعض الصناديق مثل الصندوق المغربي للتقاعد، وارتفاع متوسط الأعمار، وتضاؤل نسبة المساهمين مقارنة بعدد المستفيدين. وتراهن الحكومة من خلال هذا الإصلاح، كما الإصلاحات السابقة، على إرساء نظام تقاعد متوازن ومستدام يجمع بين العدالة الاجتماعية والفعالية المالية، ويعزز ثقة المواطنين في منظومة الحماية الاجتماعية، لا سيما في ظل التوجه نحو تعميم التأمين الصحي والتعويض عن فقدان الشغل.