المغرب يعزز مكانته العالمية في صناعة الطيران بتدشين مجمع “سافران” لتجميع واختبار محركات الطائرات

يشهد المغرب، اليوم، محطة جديدة في مسار تحوله الصناعي والتكنولوجي، مع تدشين المجمع الصناعي الجديد لمجموعة “سافران” الفرنسية بالدار البيضاء، المخصص لتجميع واختبار محركات الطائرات من طراز LEAP، في خطوة ترسّخ موقع المملكة كقوة إنتاجية متنامية وفاعل استراتيجي في صناعة الطيران العالمية.
تحول استراتيجي برؤية ملكية
لا يُعدّ هذا المشروع مجرّد توسع صناعي، بل يمثل تتويجًا لرؤية ملكية رائدة قادها جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، منذ اعتلائه العرش، عبر مشاريع هيكلية شملت التكوين المهني، والطاقات المتجددة، والإصلاحات المؤسسية، ما جعل من المغرب نموذجًا للتنمية المتكاملة والمستدامة.
ويُعدّ اختيار “سافران” للمغرب لإنشاء مجمعها الصناعي الجديد دليلاً ملموسًا على الثقة التي تحظى بها المملكة لدى كبريات الشركات العالمية، وعلى قدرة النموذج المغربي في تحقيق التنافسية والجودة والابتكار داخل الصناعات العالية التقنية.
المغرب في نادي الدول المصنعة لمحركات الطائرات
يمثل هذا المشروع نقلة نوعية في مسار الصناعة الوطنية، إذ سيجعل من المغرب ثاني أكبر منتج لمحركات LEAP في العالم، بعد فرنسا، بإنتاج سنوي يبلغ 350 محركًا، أي ما يعادل 30% من الإنتاج العالمي لهذا الطراز الذي يُشغّل طائرات إيرباص A320 نيو وبوينغ 737 ماكس.
ويصل حجم الاستثمار إلى 2.1 مليار درهم (200 مليون يورو)، ما سيتيح خلق أكثر من 600 فرصة عمل مباشرة وآلاف غير مباشرة ضمن المنظومة الصناعية المحيطة، معززا التكامل الصناعي في مجال مكونات وهياكل الطائرات.
بنية تحتية متطورة وكفاءات بشرية مؤهلة
اختارت مجموعة “سافران” المغرب لما يوفره من استقرار سياسي واقتصادي، وبنية تحتية متقدمة، إلى جانب توفر رأسمال بشري مدرب بمعايير عالمية، بفضل مؤسسات مثل معهد مهن الطيران (IMA) وجامعة سافران، اللذين يكوّنان أجيالًا من المهندسين والتقنيين المغاربة القادرين على المنافسة في سوق العمل الدولية.
وسيحتضن المجمع الصناعي الجديد أيضًا موقعًا لصيانة وإصلاح محركات الطائرات LEAP، باستثمار إضافي يبلغ 1.3 مليار درهم (130 مليون يورو)، وعلى مساحة 25 ألف متر مربع، على أن يبدأ تشغيله بحلول عام 2027 بطاقة سنوية تبلغ 150 محركًا.
صناعة نظيفة ومستدامة
يندرج مشروع “سافران” ضمن الرؤية البيئية للمملكة، التي جعلت من الطاقات المتجددة ركيزة أساسية للتحول الصناعي. وقد التزمت المجموعة الفرنسية بتزويد مواقعها الصناعية في المغرب بالكهرباء الخالية من الكربون بحلول 2026، في انسجام تام مع السياسة الوطنية للانتقال الطاقي.
شراكة استراتيجية مغربية-فرنسية
يتوج هذا المشروع تحالفًا استراتيجيًا طويل الأمد بين المغرب وفرنسا، يقوم على منطق “رابح-رابح”، يتجاوز البعد الاقتصادي نحو نقل المعرفة والتكنولوجيا وتعزيز السيادة الصناعية الإقليمية.
وسيتم خلال الحفل توقيع مذكرات تفاهم بين الدولة المغربية ومجموعة “سافران” تتعلق بتركيب المصنع الجديد في المنطقة الحرة “ميدبارك” المخصصة لصناعات الطيران والتكنولوجيا المتقدمة، إضافة إلى اتفاقيات حول الطاقة المتجددة والتزود المستدام لمواقع الإنتاج.
الإنسان في قلب التحول الصناعي
يؤكد هذا المشروع أن الإنسان المغربي هو محور الرؤية التنموية للمملكة، فالكفاءات الوطنية أصبحت اليوم عقولًا فاعلة لا أيادي عاملة، تبتكر وتدفع ببلدها نحو الريادة في الصناعات المستقبلية.
وتعكس هذه الدينامية المتجددة إيمان المغرب بأن الاستثمار في العقول هو الاستثمار الحقيقي، وأن الرأسمال البشري هو المحرك الأساسي لأي نهضة صناعية مستدامة.
ريادة مغربية متجددة
بهذا الإنجاز، يواصل المغرب تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ترسيخ مكانته كمنصة صناعية عالمية تجمع بين الطموح الوطني والانفتاح الدولي، وتبرهن أن الريادة ليست مسألة موارد، بل رؤية واستشراف للمستقبل.
إن تدشين مجمع “سافران” ليس سوى حلقة جديدة في مسار النجاح المغربي، الذي جعل من المملكة أرضًا للفرص ومركزًا للإبداع الصناعي، ووجهة موثوقة للشركات العالمية الباحثة عن الجودة، الكفاءة، والاستدامة.