باعت خيرات شعبها.. تحركات جزائرية مشبوهة لعرقلة الدعم الغربي الكبير لمغربية الصحراء في الأمم المتحدة

تعيش أروقة الأمم المتحدة على وقع حراك دبلوماسي مكثف، بعدما شهد ملف الصحراء المغربية تحولا نوعيا تمثل في اصطفاف دول غربية وازنة، في مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، إلى جانب المغرب لدعم مشروع الحكم الذاتي كحل واقعي ونهائي للنزاع المفتعل، حيث شكل هذا التقارب غير المسبوق بين القوى الكبرى صدمة قوية للنظام الجزائري، الذي سارع إلى إطلاق حملة تحركات ولقاءات مشبوهة هدفها كبح الزخم المتزايد لصالح المغرب داخل مجلس الأمن.
وفي الوقت الذي تتأهب فيه الدول الثلاث لإحالة مشروع قرار جديد على أنظار مجلس الأمن يوم 30 أكتوبر الجاري، يقضي بتعزيز دعم مبادرة الحكم الذاتي وتأكيد جديتها ومصداقيتها، كثفت الجزائر خطواتها نحو موسكو، أملا في استخدام النفوذ الروسي داخل المجلس لعرقلة أي قرار قد يقصي خيار الاستفتاء الذي تتمسك به الجزائر كذريعة لتبرير تدخلها في الملف، حيث التقى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في وقت سابق نظيره الروسي سيرغي لافروف على هامش الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في حين استقبل رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق سعيد شنقريحة وفدا روسيا رفيعا يقوده ديمتري شوغايف، رئيس الهيئة الفيدرالية للتعاون العسكري–التقني، في العاصمة الجزائرية.
وكانت مصادر دبلوماسية قد كشفت أن الجزائر تحاول استمالة موسكو عبر توسيع التعاون الاقتصادي والعسكري، مستغلة قانونها المنجمي الجديد الذي يمنح المستثمرين الأجانب إمكانية تملك ما يصل إلى 80 في المائة من أسهم المشاريع التعدينية، وهو ما تجسد في عقد وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب لقاءات متتالية مع مسؤولين روس، من بينهم نائب وزير الطاقة رومان مارشافين، ومسؤولو مجموعة "ألماز" الروسية، في محاولة لاستقطاب الاستثمارات مقابل دعم سياسي في مجلس الأمن.
في المقابل، تتجه فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة نحو تنسيق غير مسبوق لتقوية الموقف المغربي داخل الأمم المتحدة، إذ سبق للندن أن أعلنت رسميا تأييدها لمبادرة الحكم الذاتي خلال زيارة وزير خارجيتها ديفيد لامي إلى الرباط مطلع يونيو المنصرم، حيث أكد أن المقترح المغربي يمثل الحل الأكثر جدية وواقعية للنزاع، كما يعمل دبلوماسيون من الدول الثلاث، تحت إشراف مسؤولين بارزين في الخارجية الأميركية، على بلورة صيغة نهائية لمشروع القرار المنتظر عرضه نهاية الشهر الجاري.
ويرى مراقبون أن التحرك الجزائري الأخير يكشف عن ارتباك واضح في صفوف النظام، الذي يجد نفسه معزولا أمام الإجماع الدولي المتنامي حول مغربية الصحراء، خصوصا بعد أن أصبحت مبادرة الحكم الذاتي تحظى باعتراف واسع من قوى مؤثرة في القرار الدولي، إذ وبينما يواصل المغرب تعزيز موقعه الدبلوماسي بقيادة الملك محمد السادس، من خلال شراكات استراتيجية ومواقف مبدئية قائمة على التعاون والاحترام المتبادل، يصر النظام الجزائري على المراهنة على أوراق الضغط القديمة، رغم فشلها المتكرر في كسب أي تعاطف دولي مع أطروحته الانفصالية.
وتؤكد كل المؤشرات أن الدينامية الجديدة داخل مجلس الأمن تسير في اتجاه تكريس الحل المغربي وطي صفحة الوهم الانفصالي، رغم محاولات التشويش التي تقودها الجزائر من خلف الستار، إذ بات المغرب، بثقله الإقليمي ومصداقيته الدبلوماسية، اليوم، في موقع قوة، فيما لم تعد المناورات الجزائرية سوى صدى باهتا لسياسة عدائية فقدت تأثيرها أمام الإجماع الدولي المتزايد حول مغربية الصحراء.