رفيقي لـ"أخبارنا".. رواية "أعراس" الكاذبة تشويش متعمد على فرحة المغاربة بإيعاز من الجزائر بعد قرار مجلس الأمن التاريخي

عبّر "محمد عبد الوهاب رفيقي"، الباحث في الشأن الديني والمفكر المغربي، عن استيائه الشديد مما وصفه بـ"السقوط الأخير لعلي أعراس"، معتبراً أن تدوينته الأخيرة جاءت في توقيت متعمّد للتشويش على فرحة وطنية جامعة، عقب صدور قرار مجلس الأمن الذي عزّز الموقف المغربي في قضية الصحراء وأكّد مغربيتها النهائية.
وفي تصريح خاص لموقع "أخبارنا"، أكد "رفيقي" أنّ ما قام به "أعراس" لا يمكن اعتباره مجرد تعبير عن رأي، بقدر ما هو استثمار سياسي و إعلامي محسوب، هدفه إعادة تدوير الخطاب المعادي للمغرب في لحظة توحّد فيها المغاربة على شعور نادر بالفخر والاعتزاز الوطني.
في سياق متصل، أشار الباحث المغربي إلى أن علي أعراس "دأب منذ سنوات على تكرار روايته القديمة عن مؤامرة ثلاثية الأطراف ضده، تشمل المغرب وإسبانيا وبلجيكا"، مشيرًا إلى أن "الحقيقة مغايرة تمامًا، فالقضية عولجت في إطار قانوني صرف وفق اتفاقيات دولية لملاحقة الجرائم ذات الطابع الإرهابي، ولم يكن هناك أي تآمر، بل تعاون مشروع بين الدول لمكافحة الإرهاب"، وفق تعبير رفيقي.
كما أوضح ذات المتحدث أن إسبانيا لم تخطف "أعراس" ولم تنصب له كمينًا كما يدّعي، بل أوقفته بناءً على إشعار بحث دولي بعد أن ثبت تورطه في إدخال أسلحة إلى المغرب عبر أراضيها، وأن بلجيكا كانت على علم مسبق بتفاصيل الملف وأدركت خطورته. أما المغرب، يضيف "رفيقي"، فقد تعامل مع الملف باعتباره قضية جنائية بحتة خضعت لمساطر قضائية عادلة، بعيدة عن أي خلفيات سياسية أو فكرية.
ولكي تتضح الصورة أكثر، استعرض "رفيقي" جملة من الوقائع الموثقة التي تكشف –بحسب قوله– حقيقة دور "علي أعراس" في التسليح والتخطيط داخل ما كان يُعرف بحركة المجاهدين المغاربة، مشيرا إلى أن التحقيقات بعد أحداث 16 ماي الإرهابية سنة 2003 كشفت ارتباطات "أعراس" بالخلية التي عُثر بحوزتها على أسلحة وذخائر، وأن أحد عناصرها، "محمد النكاوي"، صرّح أثناء التحقيق معه بأن "أعراس" كان المسؤول الأول عن إدخال تلك الأسلحة إلى المغرب من بلجيكا، وأنها كانت معدّة لاغتيال شخصيات مغربية.
إلى جانب ذلك، شدد "رفيقي" على أن التحقيقات في قضية خلية "بلعيرج" سنة 2008 أعادت تأكيد تورط "أعراس" في عمليات تسليح إضافية، ما دفع إلى إصدار مذكرة بحث دولية ضده أوقِف بموجبها في إسبانيا سنة 2010 قبل أن يُسلَّم إلى المغرب ويحكم عليه باثنتي عشرة سنة سجناً نافذة.
ويستشهد "رفيقي" كذلك باعترافات الجزائري "محمد بنرابح بنعتو" الذي أكد بدوره أن "أعراس" موّل سنة 2005 صفقة أسلحة من مهرّب كرواتي، ضمت عشرات الرشاشات والمسدسات والقنابل. وقد تم العثور على بعضها سنة 2012 بضواحي فاس وتيفلت، في دليل قاطع –بحسب رفيقي– على تورطه في التهريب والتسليح.
كما نقل "رفيقي" شهادة المعتقل السابق "عبد الرزاق سوماح"، الذي قال إن "أعراس" كان "المسؤول الفعلي عن عمليات التسليح داخل الحركة عبر بلجيكا وفرنسا"، وإن بعض الأسلحة التي هرّبها لا تزال محتملة الوجود إلى اليوم. وعلق "رفيقي" على ذلك بالقول: "كل هذه الوقائع والشهادات المتطابقة من أطراف مختلفة تفنّد تمامًا رواية البراءة التي يسوقها أعراس، وتُظهر أن الأمر لم يكن أبدًا مجرد رأي أو فكر، بل مشروع تخريبي متكامل أُحبط قبل أن ينفّذ".
ويرى "رفيقي" أن "علي أعراس"، منذ خروجه من السجن، جعل من سردية المظلومية مشروعًا شخصيًا طويل الأمد، يعيد تكرارها في مقاطع ومقالات ومقابلات دون أن يقدّم أي وثيقة واحدة تبرّئه، مشيرا إلى أنه "فشل في إقناع القضاء، ثم فشل في إقناع الرأي العام، فلجأ إلى استراتيجية الاستنزاف، من خلال إعادة تدوير الأكاذيب على أمل أن تتحول مع الوقت إلى حقائق"، قبل أن يؤكد قائلا: "لكن الزمن لا يُحوّل الكذب إلى صدق، ولا يصنع من الخيانة بطولة".
هذا وأشار "رفيقي" أيضًا إلى ارتباط "أعراس" بالجزائر، موضحًا أنه وجد فيها "ملاذًا إعلاميًا وسياسيًا"، وأنه "ينسج معها علاقة قائمة على العداء المشترك للمغرب"، مؤكّدًا أن الجزائر نفسها لم تحصد من حملاتها على المغرب سوى الفشل، ومع ذلك يستمر "أعراس" في ولائه لخط معادٍ للوطن.
وختم "رفيقي" تصريحه لموقع "أخبارنا" بالقول: "إن محاولة علي أعراس استغلال لحظة فرح وطني لإعادة بث روايته تكشف أن الهدف لم يكن يومًا إنصافًا شخصيًا، بل التشويش على الإجماع المغربي في قضية وحدته الترابية. لقد أُحبطت مشاريعه التخريبية، وتهاوت أكاذيبه واحدة بعد أخرى، ولم يعد أمامه سوى تكرار الشكوى القديمة في كل مناسبة. لكن المغاربة اليوم يعرفون أن الجرائم لا تتحول إلى نضال بتكرار الأكاذيب، وأن خيانة الوطن لا تجمل بالخطابات الحقوقية. أما هو، فسيظلّ نموذجًا لمن اختار معاداة وطنه ليصنع لنفسه بطولة من ورق لا تصمد أمام أول وثيقة ولا أمام ذاكرة المغاربة التي لا تنسى".