علماء صينيون يبتكرون جهازاً عائماً يولّد الكهرباء من قطرات المطر

نوفمبر 4, 2025 - 19:35
 0
علماء صينيون يبتكرون جهازاً عائماً يولّد الكهرباء من قطرات المطر

طوّر باحثون من جامعة نانجينغ للملاحة الجوية والفضاء (Nanjing University of Aeronautics and Astronautics) في الصين جهازاً عائماً جديداً يحوّل طاقة قطرات المطر إلى كهرباء، مستخدماً الماء ذاته كمكوّن هيكلي وكهربائي في آن واحد.

نُشرت نتائج البحث في مجلة National Science Review العلمية، وتُظهر إمكانية إنتاج طاقة كهربائية عالية الكفاءة من خلال دمج الجهاز مباشرة مع الطبيعة بطريقة مبتكرة وخفيفة الوزن وصديقة للبيئة.

من قطرات المطر إلى طاقة نظيفة

تُعتبر قطرات المطر مصدراً غير مستغلّ للطاقة. وعلى الرغم من أن العلماء حاولوا لعقود تحويلها إلى كهرباء، فإن النماذج التقليدية من مولدات قطرات المطر كانت ضخمة ومكلفة وضعيفة الكفاءة.

لكن التصميم الجديد — المسمّى المولّد الهيدروفولطي العائم (W-DEG) — يغيّر هذه المعادلة بالكامل. فهو يطفو على سطح الماء، الذي يعمل كـ ركيزة داعمة وقطب كهربائي موصل في الوقت نفسه.

هذا الدمج المبتكر يقلّل وزن الجهاز بنسبة 80% وتكلفته بنحو 50% مقارنة بالنماذج السابقة، دون التضحية بمستوى الجهد الكهربائي الناتج، الذي يصل إلى 250 فولت لكل قطرة مطر.

 الفيزياء خلف الابتكار

يولد الجهاز الكهرباء عندما تضرب قطرات المطر سطحه العازل الطافي على الماء.

بفضل الخصائص الطبيعية للماء — مثل عدم قابليته للانضغاط والتوتر السطحي العالي — يتم امتصاص طاقة كل قطرة بكفاءة عالية.

كما تعمل الأيونات الموجودة في الماء كحاملات شحنات كهربائية، مما يسمح بتوليد تيار مستقر دون الحاجة إلى معادن ثقيلة أو مواد صلبة باهظة الثمن.

 تصميم مبتكر ومتانة عالية

يتفوق المولد العائم في التحمّل والاستدامة، إذ أظهرت التجارب أنه يحتفظ بأدائه تحت ظروف متنوعة تشمل:

تغيّرات في درجة الحرارة

اختلافات في ملوحة الماء

التعرض للمياه الطبيعية في البحيرات والمحيطات

ويعود ذلك إلى الاستقرار الكيميائي للطبقة العازلة وقدرة الماء على توفير دعم مرن ودائم.

كما أضاف الباحثون ثقوب تصريف ذكية تعمل بآلية تسمح للماء بالمرور إلى الأسفل دون العودة للأعلى، مما يمنع تراكم القطرات ويحافظ على أداء مستقر للجهاز.

 قابلية التوسع والتطبيق العملي

عرض فريق البحث نموذجاً مدمجاً بمساحة 0.3 متر مربع — وهو الأكبر مننوعه حتى الآن — استطاع تشغيل 50 مصباح LED في وقت واحد وشحن مكثفات كهربائية خلال دقائق قليلة.

ومع مزيد من التطوير، يمكن نشر مثل هذه الأجهزة على أسطح البحيرات والخزانات والسواحل لتوليد الكهرباء دون الحاجة إلى استهلاك الأراضي أو الإضرار بالبيئة.

 تصريحات الباحثين

قال البروفيسور وانلين غوه (Wanlin Guo)، المؤلف المشارك في الدراسة: "من خلال السماح للماء بأن يلعب دوراً هيكلياً وكهربائياً في الوقت ذاته، فتحنا باباً جديداً لتوليد الكهرباء من المطر بطريقة خفيفة التكلفة وقابلة للتوسع. إنها بداية لأنظمة طاقة مائية لا تحتاج إلى اليابسة ويمكن أن تكمل الطاقة الشمسية والرياح."

 آفاق مستقبلية

يمتد تأثير هذا الابتكار إلى ما هو أبعد من مجرد حصاد طاقة المطر.

فبفضل طبيعته العائمة، يمكن للجهاز أن يعمل كمصدر طاقة لأنظمة المراقبة البيئية مثل أجهزة قياس جودة المياه أو التلوث أو الملوحة.

كما يمكن أن يزوّد المناطق ذات الأمطار المتكررة بطاقة موزعة ومستقلة عن الشبكات التقليدية.

ويأمل العلماء أن يساهم هذا المفهوم، المعروف بـ "التصميم المتكامل مع الطبيعة"، في إلهام أجيال جديدة من التقنيات الخضراء التي تستخدم المواد الطبيعية نفسها كمكوّنات وظيفية.

 تحديات مستقبلية

يشير الفريق إلى أن هناك عقبات هندسية قبل الانتقال إلى الاستخدام التجاري واسع النطاق، مثل:

اختلاف أحجام وسرعات قطرات المطر في الطبيعة

الحاجة إلى تعزيز متانة الطبقة العازلة في البيئات الخارجية

ومع ذلك، فإن إثبات فعالية ومتانة هذا النموذج التجريبي يُعد خطوة مهمة نحو إنتاج طاقة متجددة من المطر على نطاق واسع.