غياب "تبون" و"قيس سعيد" عن الأمم المتحدة.. هل بدأت واشنطن في فرض عقوبات على الجزائر وتونس؟

أثار غياب الرئيسين الجزائري "عبد المجيد تبون" ونظيره التونسي "قيس سعيد" عن أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة جدلًا واسعًا، خصوصًا بعدما نشر الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، الدكتور "منار اسليمي" تدوينة عبر حسابه الفيسبوكي، أكد فيها أن الإدارة الأمريكية رفضت منح تأشيرات للرئيسين واعتبرتهما شخصين غير مرغوب فيهما على أراضيها.
وارتباطا بما جرى ذكره، يرى مهتمون بالشأن السياسي أن مجرد طرح هذه الرواية يكشف حجم الحساسية التي تحيط بعلاقات البلدين مع الولايات المتحدة في هذه المرحلة الدقيقة، والتي يُنتظر أن تكون حاسمة بالنسبة لإدارة ترامب في عدد من الملفات الإقليمية، في مقدمتها ملف الصحراء المغربية الذي يحظى بدعم أمريكي وازن لمقترح الحكم الذاتي.
في سياق متصل، يعتبر بعض المحللين أن إقصاء رئيسي دولتين من حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يمكن قراءته كإجراء إداري عابر، بل كرسالة سياسية مشحونة بالرمزية، مشيرين إلى أن المشاركة في هذا المحفل العالمي تتيح عادةً للدول تعزيز صورتها الدبلوماسية، والحرمان من هذا الحق يُفهم على أنه إعلان صريح عن تراجع مكانة البلدين على الساحة الدولية.
أما بخصوص الجزائر، فيرى مراقبون أن خطوة من هذا النوع –إذا تأكدت– ستكون بمثابة ضربة قوية لدبلوماسية "تبون" التي حاولت أن تتموقع كلاعب رئيسي في ملفات الساحل والصحراء، وتدعيم شراكات استراتيجية مع روسيا والصين. ويذهب آخرون إلى أن واشنطن قد تكون أرادت توجيه رسالة مزدوجة، أولًا ضد توجّه الجزائر شرقًا، وثانيًا لتحجيم دورها في القضايا الإقليمية.
وفي تونس، يشدد متابعون للشأن المغاربي على أن غياب "قيس سعيّ"د عن الأمم المتحدة، في ظل ما يُتداول حول رفض منحه تأشيرة، سيكون تعبيرًا عن تزايد القلق الأمريكي من المسار السياسي في البلاد، مشددين على أن التوجهات التي اتخذها الرئيس التونسي منذ 25 يوليو 2021 –من تجميد البرلمان إلى تغيير الدستور– كثيرًا ما أثارت انتقادات في الدوائر الغربية، وقد يُفهم هذا الموقف كخطوة ضغط إضافية.
على صعيد آخر، يرى خبراء في القانون الدولي أن مثل هذا التطور يطرح إشكاليات جدية حول مدى التزام الولايات المتحدة باتفاقية مقر الأمم المتحدة، التي تفرض عليها تمكين ممثلي جميع الدول من حضور أشغال المنظمة. وإذا ما ثبت فعليًا أن واشنطن منعت رئيسي الجزائر وتونس من دخول أراضيها، فإن ذلك سيُسجّل كاختبار غير مسبوق لحيادها كدولة مضيفة للمقر الأممي.
في المقابل، يلفت محللون سياسيون إلى أن خصوم النظامين في الداخل والخارج قد يوظفون هذه المستجدات للتأكيد على عزلة "تبون" و"قيس سعيد" دوليًا، ولإبراز أن سياساتهما تسببت في خسارة حلفاء مؤثرين. كما أن هذا التطور قد يغذّي سرديات المعارضة التي تتحدث عن فشل القيادة في حماية مصالح البلاد الخارجية.
خلاصة القول، وبحسب آراء متقاطعة لعدد من المراقبين، فإن غياب الرئيسين الجزائري والتونسي عن أشغال الجمعية العامة –سواء كان بسبب رفض التأشيرات كما جاء في تدوينة منار اسليمي أو بدواعٍ أخرى غير معلنة– يبقى حدثًا استثنائيًا يطرح أسئلة عميقة حول مستقبل العلاقة بين هذين البلدين وواشنطن، ويؤشر على أزمة ثقة قد تتطور إلى مزيد من التوترات في المرحلة المقبلة.