"لا تتركونا نعاني مجددا": نداء سيدة من غزة في ظل انهيار الخدمات وتفاقم المخاطر

ديسمبر 6, 2025 - 19:10
 0
"لا تتركونا نعاني مجددا": نداء سيدة من غزة في ظل انهيار الخدمات وتفاقم المخاطر

"وقف إطلاق النار هو بمثابة نَفَس، ولكن لا يمكن لأحد أن يعيش على نَفَس واحد. غزة اليوم تسكنها جموع تحبس أنفاسها، معلّقة بين النجاة وعدم اليقين. السماء أهدأ لكن الصدمة تظل صاخبة. الناس لم يعودوا يطلبون منازل أو تعليما أو طعاما لائقا؛ بل يطلبون خيمة ودفاية صغيرة".




هكذا لخّص ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين، نيستور أوموهانجي الوضع الإنساني المقلق في غزة حيث تعاني النساء والفتيات والعاملون الصحيون من معاناة "ليس بوسع أحد تحملها" رغم وقف إطلاق النار الأخير.

من غزة، تحدث نيستور أوموهانجي، عبر الفيديو، للصحفيين في نيويورك يوم الجمعة، مشيرا إلى أنه على الرغم من أن توقف القتال قد جلب راحة مؤقتة، إلا أنه لم يخفف من معاناة الأسر التي تعيش في ملاجئ مكتظة، وتواجه الجوع والمرض والفيضانات وانهيار الخدمات الأساسية.

57 ألف أسرة تعيلها نساء

وقدم أوموهانجي تفاصيل زياراته للمستشفيات والعيادات المؤقتة والمساحات الآمنة ومراكز الشباب ومخيمات النازحين في جميع أنحاء غزة، حيث التقى بالنساء والقابلات والأخصائيين الاجتماعيين والأسر التي عانت من صدمات نفسية غير عادية. 

وقال إن أكثر من 57,000 أسرة في غزة الآن تعولها نساء، وكثيرات منهن بدون دخل، وقد أدت فيضانات الشتاء إلى تفاقم الظروف القاسية أصلا. وقد وصفت إحدى الأمهات النازحات للمسؤول الأممي كيف تحولت خيمتها إلى بركة من المياه، وكانت تحمل طفلها طوال الليل حتى لا يرقد في الماء: "هذا هو المكان الذي ينام فيه طفلي... حملته طوال الليل حتى لا يبتل".

المرافق الصحية

وأوضح ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين أن حوالي ثلث المرافق الصحية في غزة تعمل جزئيا، وجميعها تفتقر إلى الموظفين والإمدادات والأدوية، ويواصل الطاقم الطبي العمل رغم المأساة الشخصية، وانعدام الأجور، ونقص الإمدادات الذي يهدد الحياة. وأضاف: "النظام الصحي في غزة لا يزال قائما فقط لأن عماله يرفضون التخلي عنه".

في جناح الولادة بأحد المرافق الطبية، أشار طبيب إلى طفلين خديجين يتشاركان حاضنة وقال: "إذا انقطع التيار الكهربائي مرة أخرى، لا أعرف ماذا سيحدث". وقالت له قابلة فقدت منزلها وشقيقتها: "النساء الأخريات بحاجة إليّ - لا يمكنني التوقف"، على الرغم من عدم حصولها على أجرها منذ شهور.

كما أفاد نيستور بأن خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي تعاني من الإنهاك، مع تزايد المخاطر في الملاجئ المكتظة.

أما الشباب، وفقا للسيد نيستور، فهم يواجهون صدمة عميقة لكنهم يواصلون إظهار الصمود. وقال على لسان بعض الشباب الذين التقاهم: "لقد فقدنا فصولنا الدراسية، لكننا لم نفقد مستقبلنا".

مساعدة الآلاف

وصل صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أكثر من 120,000 امرأة وفتاة وشاب خلال وقف إطلاق النار الذي استمر سبعة أسابيع، ودعم 22 مرفقا صحيا، بما في ذلك 5 مستشفيات، بالإضافة إلى 14 مساحة آمنة و9 مراكز للشباب.

وتخطط الوكالة لمضاعفة دعمها بحلول عام 2026، لكنها تحذر من أن الوصول لا يزال مقيدا بشدة، حيث لا تُفتح سوى ثلاثة معابر بشكل متقطع، مما يُسبب تأخيرات هائلة في إيصال المساعدات المنقذة للحياة.

وأكد أوموهانجي أن التعافي "لا يمكن أن يكتسب زخما" دون وصول إنساني مستدام ومنتظم، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى استجابة شاملة وطويلة الأمد لاستعادة الخدمات الصحية، وحماية النساء والفتيات، ودعم الشباب للمشاركة في تعافي المجتمع. واختتم حديثه برسالة أم التقاها في خان يونس: "لا تدعوا نجاتنا تكون مجرد بداية لمعاناة أخرى".