لم تكتمل الفرحة.. خبر اكتشاف كميات كبيرة من الذهب نواحي كلميم يسقط ضحية "خطأ مطبعي" للشركة

لم تكتمل الفرحة التي صاحبت إعلان خبر اكتشاف كميات مهمة من الذهب نواحي كلميم، بعدما تبين أن الأرقام التي جرى تداولها على نطاق واسع لم تكن دقيقة، وأن الحديث عن تراكيز خيالية بلغت 300 غرام في الطن لم يكن سوى نتيجة "خطأ مطبعي" تسلل إلى التقرير الاستكشافي، إذ لم يكن هذا الخطأ عاديا، بل أحدث ضجة واسعة بالنظر إلى أن الرقم المذكور يتجاوز بكثير المعدلات العالمية، ما جعل الكثيرين يعتقدون أن المغرب على وشك التحول إلى قوة عظمى في سوق الذهب.
وتعمق الجدل مع بروز اسم شركة Olah Palace Trading التي كانت وراء الإعلان، وهي فاعل اقتصادي جديد نسبيا، لم يكن معروفا لدى الرأي العام قبل هذه الضجة، وقبل أن تكشف معطيات لاحقة أنها مسجلة في المغرب منذ ثلاث سنوات فقط، برأسمال محدود لا يتجاوز مائة ألف درهم، وأن مقرها يوجد في مدينة طانطان، حيث وسعت الشركة التي تنشط في مجالات التجارة العامة والاستيراد والتصدير، أنشطتها إلى الاستكشاف المعدني وحصلت على امتيازات تشمل الذهب في كلميم والليثيوم والكاولين في السمارة والتيتانيوم وخام الحديد بجهة العيون–الساقية الحمراء.
وأوضحت المعطيات المصححة -تطرقنا لها قبل يومين- أن التراكيز الحقيقية للذهب في كلميم تتراوح بين 6 و30 غراما في الطن، وهو معدل يظل عاليا بالمقارنة مع المعايير الدولية التي تعتبر أي نسبة تفوق 5 غرامات في الطن ذات جودة مرتفعة، لكن دون أن يرقى إلى "الاكتشاف التاريخي" الذي روج له الرقم الخاطئ، غير أن تقديرات أولية أشارت في المقابل إلى إمكانية وجود احتياطي يتراوح بين 3 و5 ملايين أونصة من الذهب، ما يجعل الموقع واعدا وقابلا للتحول إلى مشروع استراتيجي إذا ما توافرت له الشروط التقنية والمالية اللازمة.
ولم يقتصر النقاش حول هذه القضية على الجانب الجيولوجي أو الاقتصادي فحسب، بل امتد إلى تساؤلات حول الشفافية، وحول ما إذا كان الإعلان الأولي مجرد هفوة تقنية أو محاولة مقصودة لإثارة الانتباه وجذب المستثمرين، إذ وبينما اعتبر البعض أن مجرد اكتشاف تراكيز تتجاوز المعدلات العالمية في منطقة كلميم يمثل مكسبا مهما، رأى آخرون أن المبالغة التي رافقت الإعلان الأول قد تنعكس سلبا على مصداقية الشركة، وعلى صورة المغرب في أعين الفاعلين الدوليين.
وبين الفرحة التي لم تكتمل والجدل الذي لم ينته، يبقى الرهان اليوم على تحويل هذه الإمكانات إلى ثروة حقيقية تخدم الاقتصاد الوطني بعيدا عن الضجيج الإعلامي والأخطاء غير المحسوبة، والتشويش الذي يروجه البعض ممن يؤمن بنظرية المؤامرة دوم دلائل حقيقية أو أبحاث ذات مصداقية.