مقالات "لوموند".. ابتزاز مفضوح و رصاصة في الهواء كشفت نوايا من يقف خلف الجريدة الفرنسية

أغسطس 29, 2025 - 13:35
 0
مقالات "لوموند".. ابتزاز مفضوح و رصاصة في الهواء كشفت نوايا من يقف خلف الجريدة الفرنسية

إن ما نشرته جريدة "لوموند" الفرنسية في عددها الأخير، تحت عنوان "أجواء نهاية عهد محمد السادس"، ليس مجرد مقال صحفي، بل محاولة يائسة من حراس المعبد القديم في فرنسا لإعادة إنتاج وهم الهيمنة التي انتهت إلى الأبد. فالجريدة، التي كانت في يوم من الأيام مثالًا للرصانة والمهنية، انزلقت إلى مستوى صحافة الابتذال، باحثة عن الإثارة الرخيصة عبر مقالات سخيفة تعتقد أنها قادرة على زعزعة ثقة المغاربة في ملكهم.

أول ما يلفت الانتباه هو محاولة الجريدة إثارة القلق حول الوضع الصحي لجلالة الملك، إذ استخدمت لغة توحي بأن هذه المعلومات حساسة وسرية، وكأن الشعب يجهل تماما كل ما يتعلق بأنشطته منذ سنوات طويلة. لكن المغاربة، بحكم خبرتهم التاريخية والسياسية، لم يعودوا صيدًا سهلاً لمثل هذه الشائعات المفضوحة؛ فالبلاغات الرسمية، الأنشطة الملكية، المواعيد العامة والزيارات الرسمية كلها معروفة ومتاحة، والشعب متابع بوعي كامل. هذا يؤكد أن التركيز على صحة الملك لم يكن بحثًا عن الحقيقة، بل محاولة لإعادة سيناريوهات القلق التي مارستها بعض الأنظمة الفاشلة في المنطقة، لكنها تصطدم دائمًا بوعي المواطنين.

في المقابل، وكتأكيد على نواياها السيئة، تعمدت "لوموند" تجاهل الإنجازات الكبيرة التي حققها المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس، بداية بدستور 2011، إصلاح مدونة الأسرة، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مشاريع كبرى في الطاقة (نور للطاقة الشمسية)، النقل (القطار الفائق السرعة)، البنية التحتية التي ربطت شمال المغرب بجنوبه وشرقه بغربه، استراتيجية الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، موانئ طنجة المتوسط والناظور والداخلة. هذه الإنجازات ليست تفاصيل هامشية، بل رسائل صريحة لقوى كانت تراهن على إبطاء المغرب أو تشكيك المواطنين في مستقبل بلادهم.

الأمر الأكثر إثارة للسخرية أن "لوموند" يبدو وكأنها لا تعرف المنطق الدستوري المغربي في ولاية العهد. التحضير للأمير مولاي الحسن ليس لغزًا، بل عملية ممنهجة تمتد منذ الصغر: تعليم أكاديمي راق، تدريب عسكري، مهام دبلوماسية، حضور رسمي في المناسبات الوطنية والدولية. أي محاولة لتصوير هذا كأزمة أو خطأ هي ببساطة إساءة لذكاء القراء وتكرار وهم عدم فهم المغرب الحقيقي.

أما الجانب الأهم، والأكثر إحباطًا للفرنسيين القدامى الذين تقف "لوموند" في صفوفهم، فهو القوة الدولية الجديدة للمغرب. لقد أصبح المغرب لاعبًا استراتيجيًا حقيقيًا في إفريقيا والمتوسط، مستفيدًا من تحالفاته مع الولايات المتحدة وأوروبا، وعائدًا إلى الاتحاد الإفريقي من موقع قوة. الشاهد على ذلك زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي حل إلى المغرب مضطرًا لقبول شروط المملكة فيما يخص ملف الصحراء، مظهرًا احترام القوة التفاوضية المغربية. هذه الصفعة الدبلوماسية كانت كافية لتكشف أن زمن الهيمنة الفرنسية المطلقة على المغرب وإفريقيا قد انتهى.

في الوقت نفسه، أصبح المغرب بوابة دخول أمريكا إلى إفريقيا، ما يمثل نهاية الهيمنة الفرنسية التقليدية على القارة. اتفاقيات التعاون التي أبرمها المغرب مع دول إفريقية شقيقة تؤكد ذلك: النهج الجديد يقوم على مبدأ رابح–رابح، وليس على الاستغلال ونهب الموارد كما كانت تفعل فرنسا لعقود.

من هنا نفهم أن مقالات "لوموند" هي في الواقع رقصة ديك فرنسي مذبوح، يصرخ وهو عاجز عن التأثير في الواقع. كل محاولة لإحداث فجوة بين الملك وشعبه لن تنجح، لأن المغاربة راكموا مناعة قوية ضد الشائعات والمكائد، ويفهمون تمامًا من يسعى دائمًا لدعمهم ومن يحاول المساس باستقرار بلادهم. الولاء للملك ليس خوفًا، ولا خضوعًا، بل هو تعبير عن هوية مغربية متجذرة وعراقة تاريخية لا تفهمها العقول التي تعيش على أوهام الماضي. ولعل رد المغاربة على رسالة ماكرون حين خاطبهم بشكل مباشر عبر مقطع فيديو، دليل كافٍ على عمق العلاقة الوثيقة والوَطيدة بملكهم.

في المحصلة، "لوموند" أو من يقف وراءها لم تفهم أن المغرب اليوم أقوى من أي وقت مضى، وأن القوة الحقيقية لا تُشتري بإثارة القلق، بل بالإنجاز، بالسيادة، وبالحكمة التي تجعل الشعب كله واقفًا إلى جانب ملكه في مواجهة كل مؤامرة أو حملة صحفية مغرضة. أما فرنسا وحراس المعبد القديم، فليعلموا أن الرقصة انتهت، وأن المغرب لن يركع مجددًا، بل هو من سيركع كل من يتجرأ على أمنه واستقراره.