من قبة البرلمان.. الملك يدعو لثقافة النتائج والمردودية كعنوان لمرحلة جديدة من الإصلاح

أكتوبر 11, 2025 - 16:10
 0
من قبة البرلمان.. الملك يدعو لثقافة النتائج والمردودية كعنوان لمرحلة جديدة من الإصلاح

شكل الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان لحظة سياسية وفكرية بارزة، تحدد مسارا واضحا يبدأ بتأطير المواطن وغرس ثقافة المسؤولية، مروراً بتعزيز العدالة الاجتماعية ودعم التنمية المحلية، وصولاً إلى ترجمة العدالة المجالية في السياسات العمومية المندمجة. هذه الرؤية الإصلاحية تجعل الإنسان محور التنمية، والدولة فاعلاً استراتيجياً متفاعلاً مع حاجيات المجتمع ونبضه.

وتكمن الأهمية الكبرى للخطاب في إطلاق مرحلة جديدة من الفعل العمومي المبنية على التأطير والمواكبة، إذ دعا الملك إلى "إعطاء عناية خاصة لتأطير المواطنين والتعريف بالمبادرات العمومية". هذا التوجه يمثل انتقالاً من منطق التلقين إلى منطق المشاركة والمواكبة، ليصبح المواطن شريكاً فاعلاً في صنع القرار، في إطار ما يمكن وصفه بالديمقراطية التفاعلية التي تدمج المجتمع في عملية التنمية.

ويرتبط هذا التحول بمبدأ "ترسيخ ثقافة النتائج"، التي تركز على ربط المسؤولية بالمحاسبة والانتقال من الوعود إلى الإنجازات القابلة للقياس. فالمسائل الكبرى المتعلقة بالحقوق والتنمية لا تُقاس بدورات انتخابية قصيرة، بل بمدى دمجها في مؤسسات الدولة وبنيتها. هنا يظهر البعد المؤسسي العميق للخطاب الذي يسعى إلى ضمان استمرارية العمل التنموي.

وفي ما يخص العدالة الاجتماعية، شدد الخطاب على أنها "ليست مجرد شعار فارغ أو أولوية ظرفية"، بل توجه استراتيجي دائم يوجه السياسات العمومية. فالعدالة، وفق الرؤية الملكية، رهان أساسي لا تفاوض فيه، لأن “التنمية المحلية مرآة التقدم الوطني”. ومن هذا المنطلق، يحث الخطاب على تقليص الفوارق بين المناطق وتمكين الفاعلين المحليين من المشاركة في صنع القرار، بما يعزز الحكامة الترابية والفعالية الاقتصادية والمواطنة المنتجة.

كما أولى الخطاب اهتماماً خاصاً بالمناطق الجبلية والقرى، داعياً إلى إعادة النظر في التنمية الترابية وفق العدالة المجالية. وعندما يشدد الملك على "توسيع نطاق المراكز القروية الناشئة"، فإنه لا يصف الواقع فحسب، بل يقترح أدوات عملية تهدف إلى تقريب الخدمات الإدارية والاجتماعية والاقتصادية من المواطنين، لترجمة مفهوم "الإنصاف الترابي" إلى واقع ملموس للفئات الهشة.

وفي المحصلة، يحقق الخطاب الملكي توازناً بين المبدأ والتطبيق، وبين العدالة والفعالية. وهو بذلك يؤسس لتصور استراتيجي يربط بين العدالة الاجتماعية والتنمية الترابية والإدماج الاقتصادي والاجتماعي، ويضع المواطن في قلب التنمية، ليصبح "ثقافة النتائج والمردودية" عنوان المرحلة الجديدة من الإصلاح والتجديد الوطني.