أهي قمة الحسم بين الرباط ومدريد.. مطالب مغربية تتصاعد وحسابات انتخابية تُربك حكومة سانشيز

تنعقد اليوم بالعاصمة الإسبانية مدريد، وفي أجواء يغلب عليها التكتم والحذر، الدورة الثالثة عشرة من الاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا، وذلك بعد ما يقارب ثلاث سنوات من آخر قمة احتضنتها الرباط.
ورغم الخطاب الرسمي الإسباني الذي يتحدث عن "مرحلة إيجابية"، إلا أنّ إعلان القمة قبل ستة أيام فقط، وبصيغة مقتضبة، يعكس حجم الارتباك الذي يعيشه محيط رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، في وقت تواصل فيه الدبلوماسية المغربية إظهار مزيد من الثقة وتوسيع دائرة مطالبها الاستراتيجية، وعلى رأسها ملف الصحراء المغربية.
التحولات الكبرى التي بشّر بها الطرفان منذ زيارة سانشيز للرباط سنة 2022، لم تجد طريقها إلى التنفيذ، خصوصاً في ما يخص فتح الجمارك التجارية في سبتة ومليلية، وهو الالتزام الذي ما يزال معلقًا رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات ونصف، ما يطرح علامات استفهام حول قدرة مدريد على انتزاع مكاسب ملموسة من شريكها الجنوبي.
وبينما تسعى إسبانيا لتمرير القمة بأقل الخسائر، يواصل المغرب تعزيز موقفه، خصوصاً بعد قرار مجلس الأمن الأخير حول الصحراء، والذي اعتبرته الرباط دعماً إضافياً لمخطط الحكم الذاتي. في المقابل، تُثار داخل الأوساط الإسبانية مخاوف متزايدة من أن يُطلب من سانشيز، عاجلاً أو آجلاً، إعلان موقف أكثر وضوحاً قد يرقى إلى الاعتراف الكامل بسيادة المغرب على الصحراء.
ولا تتوقف الملفات الحساسة عند هذا الحد، إذ عاد موضوع ترسيم الحدود البحرية قبالة جزر الكناري إلى الواجهة، خصوصاً ما يتعلق بمنطقة "مونتي تروبيك" الغنية بالمعادن النادرة، فضلاً عن المخاوف من احتمال نقل إدارة المجال الجوي فوق الصحراء إلى الرباط، وهو ملف يثير قلقاً علنياً لدى رئيس حكومة الكناري، فرناندو كلافيخو، الذي استُبعد من حضور القمة.
الوفد الإسباني يضم عدداً من الوزراء، فيما لم تكشف الرباط مسبقاً عن لائحة ممثليها، باستثناء تأكيد قيادة عزيز أخنوش للوفد المغربي، في خطوة قرأها البعض كرسالة بأن الملفات التقنية قد تُناقش بقدر أقل من الظهور الإعلامي، وأكبر من الحسابات الاستراتيجية.
قمة إذن، تُحاول مدريد من خلالها الحفاظ على خيط الود مع الرباط، في وقت باتت فيه الدبلوماسية المغربية أكثر جرأة، بينما تلوح في الأفق حسابات انتخابية داخلية قد تدفع سانشيز إلى البحث عن "إنجاز سياسيي" يعيد إليه المبادرة قبل أي موعد انتخابي محتمل.