هل يمكن علاج الشخصية النرجسية؟

نوفمبر 6, 2025 - 12:55
 0
هل يمكن علاج الشخصية النرجسية؟

يُظهر أصحاب الشخصية النرجسية سلوكاً دفاعياً وعدوانياً عندما يشعرون بالإهانة أو الانتقاد، إذ تهتز صورتهم الذاتية بسرعة رغم ما قد يبدو من ثقة مفرطة. وغالباً ما يُطالبهم الآخرون بالتغيير، لكن في كثير من الأحيان، يكون النرجسي نفسه ضحية لهذه الشخصية التي تُبعد الآخرين وتُولّد شعوراً بالرفض والعزلة. وهنا يبرز السؤال: هل يمكن للنرجسيين أن يتغيروا حقاً بالعلاج النفسي؟
تُميز العلوم النفسية بين نوعين من النرجسية: النرجسي المتكبر الذي يرى نفسه متفوقاً، والنرجسي الضعيف الذي يُظهر حساسية مفرطة للنقد. في الحالتين، قد تتطور هذه السمات إلى اضطراب الشخصية النرجسية، وهو اضطراب نفسي معقّد لا يُشفى منه بشكل كامل، لكنه قابل للتعديل وإدارة الأعراض عبر تدخلات علاجية مناسبة.


وتُشير الدراسات إلى أن العلاج السلوكي المعرفي هو الأكثر استخداماً مع النرجسيين، حيث يساعدهم على إدراك أفكارهم غير الواقعية وتعديل سلوكياتهم. غير أن العديد من المعالجين يفضلون العلاقات الاستبطانية، وهي مقاربة تركز على فهم مشاعر المريض ودوافعه في جو خالٍ من الأحكام، خصوصاً أن النرجسيين يميلون إلى رفض الضعف ويصعب عليهم بناء علاقة ثقة مع المعالج.


مع ذلك، فإن طلب العلاج من قبل النرجسيين يُعد أمراً نادراً، إذ لا يعترفون بوجود خلل في شخصيتهم. وغالباً ما يلجؤون إلى المعالج النفسي لأسباب خارجية مثل الطلاق أو خسارة وظيفة، أو بسبب أعراض اكتئاب ناتجة عن الرفض. وفي حال عدم زوال هذه العوائق، يُنهي الكثير منهم العلاج في مراحله الأولى. وتُظهر الإحصاءات أن معدل التوقف المبكر عن العلاج لدى النرجسيين يبلغ 63%، وهي نسبة أعلى بكثير من المعدلات المعتادة.
ورغم وجود علاجات بديلة مثل العلاج السلوكي الجدلي، والعلاج القائم على التعقل، والعلاج المخططي، إلا أن فاعليتها مع اضطراب الشخصية النرجسية ما زالت غير مدعومة بأدلة كافية، ما يجعل التعامل مع هذه الحالة تحدّياً كبيراً في المجال النفسي.


في المحصلة، يبدو أن التغيير لدى النرجسيين ممكن نظرياً، لكنه يتطلب وعياً ذاتياً نادراً، وعلاقة علاجية متينة، والتزاماً طويل الأمد. وما لم تتحقق هذه الشروط، تبقى فرص التغيير محدودة في مواجهة بنية نفسية عميقة الجذور.