أنا "البيسطون" ديالكم.. مسؤول صحي يضع رقم هاتفه رهن إشارة المواطنين (صورة)

خرج المدير الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالحسيمة، محمد اليزناسني، في سابقة لافتة بالمشهد الإداري المغربي، بموقف غير مألوف حيث أعلن خلال دورة أكتوبر لمجلس جماعة الحسيمة أنه يضع رقم هاتفه الشخصي رهن إشارة جميع المواطنين، قائلا بلهجة عامية صريحة: "أنا هو البيسطون ديالكم".
وتعكس هذه الخطوة الجريئة، التي حظيت بتفاعل واسع من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، إرادة واضحة في كسر الحواجز التقليدية بين الإدارة والمواطن، وتجسد ما دعا إليه وزير الصحة مؤخرا حين تحدث عن “مشكل التدبير” باعتباره أحد أبرز معوقات الإصلاح داخل المنظومة الصحية.
وأكد متفاعلون مع هذه السابقة في تاريخ القطاع أن تقديم مسؤول إقليمي رقمه الشخصي للعموم، يعني أنه يفتح باب المعالجة المباشرة للمشاكل التي تعترض المواطن دون وسطاء، ويضع نفسه في الواجهة لإصدار قرارات ومواقف وتوجيهات تخدم مصلحة المرضى بشكل سريع وفعال.
وأوضح اليزناسني، الذي أكد أنه اتخذ هذا القرار بعدما تبادرت إلى مسامعه عدة شكايات تهم الشأن الصحي خلال دورة المجلس الجماعي للمدينة، -أوضح- أنه يحرص على التفاعل مع جميع الاتصالات والرسائل التي تصله من المواطنين، داعيا من يتعذر عليه التواصل معه هاتفيا إلى ترك رسالة عبر تطبيق "واتساب" لتسهيل الرد الفوري على الانشغالات والملاحظات.
ويأتي هذا الموقف في سياق وطني متوتر على صعيد الخدمات الاجتماعية، إذ تعالت أصوات فئة الشباب المعروفة إعلاميا بـ“جيل Z” مطالبة بإصلاح شامل يضمن صحة وتعليما يليقان بالمغاربة، إذ وبينما تشهد عدة مدن احتجاجات رمزية ومطالب بإعادة الاعتبار للقطاع الصحي العمومي، يبرز تصرف المدير الإقليمي بالحسيمة كرسالة ميدانية تقول إن المسؤول يستمع للمواطن ويتدخل لحل مشاكله المرتبطة بالقطاع الذي يسيره.
وطالب نشطاء بجعل هذه الخطوة التي وصفت بـ“الشجاعة” بداية للتحول في فلسفة التدبير العمومي، حيث لم يعد من المقبول أن يظل المواطن متفرجا على اختلالات المنظومة، بل شريكا في رصدها ومعالجتها، كما عبروا عن تطلعهم لأن تلهم مبادرة اليزناسني مسؤولين آخرين في قطاعات مختلفة لاتخاذ قرارات مماثلة تعيد الثقة بين المواطن والإدارة، وتفتح أفقا جديدا لحكامة تقوم على القرب والإنصات لا على المكاتب المغلقة والتبريرات الجاهزة.
ورغم اختلاف الآراء حول مدى فعالية هذا النهج، لكن المؤكد أن عبارة "أنا البيسطون ديالكم" لم تكن مجرد جملة عابرة في دورة جماعية، بل إعلان نادر عن استعداد مسؤول عمومي لوضع نفسه في موقع الخدمة لا السلطة، في زمن يتعطش فيه المواطن المغربي إلى مسؤولين يسمعون ويعملون أكثر مما يتحدثون.