أين التصورات الصوفية من الإسلام ؟

سبتمبر 28, 2025 - 22:25
 0
أين التصورات الصوفية من الإسلام ؟

الغارة على المجتمع الاسلامي اختلفت وجوهها وتعددت اساليبها فمن هجوم خارجي وادخال معتقدات من اجل التدمير والتشويه كالفلسفات القديمة والحديثة. والمذاهب الغنوصية التي تسعى دائما الى التخريب ،الى ظهور آراء وسلوكات داخلية تتنافى مع الرؤية التي جاء بها الاسلام لإسعاد البشرية. واذا كان الهجوم الخارجي مفهوم الاهداف فكيف نفهم ان تنشأ فكرة من رحم الزهد والتقوى (او هكذا الادعاء) لتنتهي الى نظريات فلسفية وتصورات لا تخضع لمنطق وعلم تخالف في جوهرها حقيقة الاسلام ومنظومته وتحدث شرخا بين مفهوم الدنيا والاخرة والشريعة والحياة؟. وما صلة كل ما نراه من ممارسات سلوكية ومعتقدات واقاويل عند الصوفية والفرق الطرقية بالاسلام ورؤيته؟. وهل يمكن اعتبار ذلك عبادة وخشوعا لله وفق ما نص عليه القرآن والسنة الصحيحة.؟ وهل ما ذهبت اليه المرجئة من قول ( لا تضر مع الايمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة ) له صلة بمبادئ الاسلام وتعاليمه.؟.      

  الاسلام منهاج حياة. جاء ليسود الواقع ويتدخل في كل تفاصيل حياة الانسان المسلم. وبذلك جسد المسلمون الاوائل في سلوكهم ومعاملاتهم عظمة الاسلام وسموه مما جعل الكثير من غير المسلمين يدخلون الى الاسلام تأثرا بمعاملة الصحابة الكرام رضي الله عنهم، كما رأوا من اخلاق عالية في سلوكهم وتصرفاتهم سواء تعلق الامر بصدق القول او بالوفاء بالعهد او كسب الرزق الحلال، وهكذا كان المسلمون الاوائل يتحرون في كل شيء مخافة الوقوع في الحرام . فكان الصحابة على جانب كبير من التقوى والزهد والعبادة الصادقة. حتى ان القول ليصدق في حقهم (بانهم رهبان بالليل فرسان بالنهار.) ولكن تقوى الصحابة وزهدهم لا يعني اطلاقا انصرافهم عن الدنيا. بل ان صدق العبادة يتجلى في المعاملة وحسن السلوك. وقد اعطى الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة، فسلوكه يجسي حقيقة التقوى ،فالزهد والتقوى لا يمكن معرفة صاحبهما الا بمخالطته للناس، وكيف يواجه اخطاءهم واغراءاتهم بصبر وثبات. وكيف يستحضر رقابة الخالق في كل جزئية من حياته؟ وهكذا حصل ان بعض المبشرين بالجنة من الصحابة كانوا تجارا ولكن وظفوا الدنيا التي بايديهم في خدمة الآخرة ونصرة دين الله. ولذلك لا تناقض في التصور الاسلامي بين مفهوم الدنيا والآخرة عندما تصبح الدنيا خادمة للدين، علما ان الاسلام قائم على التوحيد وليس من حق اي انسان ان يشرع وانما الله الذي خلق الانسان هو الذي له الحق ان يشرع لهذا الكائن الذي خلقه ويعلمه كيف يكون سعيدا في حياته.؟ فمتى كان الاسلام بعيدا عن الحياة.؟ فالاسلام جاء ليحكم ويتحقق في الواقع. وينظم حياة الانسان. فالله خلق الانسان ليكون عابدا. ومنضبطا وفق تعاليمه واحكامه وعندما يخرج عن هذا الاطار سواء بالابتعاد عن الدنيا اصلا او بالاستغراق فيها ليصبح بعد ذلك عابدا للاشياء فقد ابتعد اساسا عن منهج الله في الحياة .كما ان عمل الانسان يقوم على الاخلاص لله سبحانه كما ورد في الحديث الصحيح (إن الله عز وجل لا يقبل من العمل الا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه. ) ومن ثم إن كل عمل يقوم به الانسان المسلم خالصا لله مبتغيا به مرضاة الله فهو عبادة. وعلى هذا الاساس لابد ان يكون عمل المسلم قائما على الاستقامة والتقوى. وقد سئل سعد بن ابراهيم الزهري رحمه الله : اي اهل المدينة افقه؟ فقال : اتقاهم لله تعالى. وفي حديث الغزالي رحمه الله عن الأئمة الشافعي ومالك واحمد بن حنبل وابي حنيفة وسفيان الثوري: ( كان كل منهم عابدا زاهدا عالما بعلوم الآخرة فقيها في مصالح الخلق في الدنيا ومريدا بفقهه وجه الله تعالى.) ولذلك يرتبط مفهوم التقوى والزهد والاستقامة بمفهوم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في التصور الاسلامي .

  لكن اين الرؤية الصوفية والطرقية من كل هذه المفاهيم الاسلامية؟ ام فقط كانت محاولة لتقديم صورة مشوهة عن الاسلام ورؤيته للحياة لتساهم بعد ذلك في تخريبه من الداخل.؟ 

 لا تنسجم توجهات الفكر الصوفي واصحاب الطرق المبتدعة مع الرؤية الاسلامية. لأن الرؤية الصوفية تنطلق من فكرة مؤداها : قتل الشيطان في النفس لتصل بعد ذلك الى ما جسده ذلك الحوار بين فقيه وصوفي حيث قال الصوفي : (عجبا لكم تأخذون علمكم ميتا عن ميت وانا اخذ علمي عن الحي الذي لا يموت). ذلك ان الكشف كما يرى الغزالي رحمه الله ( لم يكن موقوفا على الادلة المجردة بل بنور قذفه الله في الصدر وهذا النور هو مفتاح اكثر المعارف، فمن اعتقد ان الكشف موقوف على الادلة المجردة فقد ضيق رحمة الله الواسعة. ) والمشكلة عند رجال التصوف وهم طوائف وشيع هو الانحراف في التصور والمفاهيم. ولذلك ابتعدوا عن رؤية الاسلام للكون والحياة والانسان. فالفكر الصوفي سلبي لايواجه خروج الناس وابتعادهم عن منهج الله. وكم من صاحب طريقة او سلوك صوفي لا يعير للشريعة ادنى اعتبار. بل ان بعض الصوفية عندما يصل الى مرتبة الوجد يقوم بالغاء الشريعة، لانه وصل الى مبتغاه ولم يكن اصحاب الطرق احسن حال مما ذهب اليه المتصوف في تشويه الاسلام وتقديم صورة عنه تجعل السائل يسأل هل ما يمارسه هؤلاء هو الاسلام الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم؟!