السعودية تقود حوكمة البيانات عالميا

سبتمبر 23, 2025 - 13:55
 0
السعودية تقود حوكمة البيانات عالميا
في تحول استراتيجي يعكس الحضور الدولي المتنامي للمملكة، أعلنت الأمم المتحدة انتخاب السعودية، ممثلةً في الهيئة العامة للإحصاء، رئيسًا مشاركًا لمجموعة عمل حوكمة البيانات التابعة للجنة الإحصائية. هذا الاختيار لا يقتصر على موقع إداري جديد، بل يجسد انتقالًا جوهريًا من دور «حارس الأرقام» إلى «مهندس الثقة» في عصر باتت فيه البيانات ركيزة أساسية لصناعة القرار، ودعم التنمية المستدامة، وقيادة الاقتصاد الرقمي.الدور المتطورتاريخيًا، ارتبطت المكاتب الإحصائية بمهمة إنتاج ونشر الأرقام الرسمية. غير أن المشهد الرقمي عالميًا فرض أدوارًا جديدة تتجاوز جمع البيانات، لتشمل إدارة تدفقها وتعزيز موثوقيتها. في السعودية، أخذت الهيئة العامة للإحصاء زمام المبادرة في هذا التحول، لتصبح مؤسسة وسيطة للبيانات (Trusted Data Intermediary)، تجمع بين الحياد الإحصائي الصارم والانفتاح المسؤول على المصادر الرقمية الحديثة. هذا الدور يعزز مكانة الهيئة كحلقة وصل موثوقة بين صناع القرار، والقطاع الخاص، والمجتمع الدولي.الاعتراف الدوليانتخاب السعودية لرئاسة مجموعة حوكمة البيانات في الأمم المتحدة يعكس التقدير العالمي لجهودها. فهذه المجموعة ليست مجرد منصة نقاش، بل أداة مركزية لتوحيد المفاهيم والمعايير الخاصة بالحوكمة، وتسهيل تبادل أفضل الممارسات الوطنية والإقليمية، إضافة إلى وضع أطر استرشادية تضمن الاستخدام المسؤول للبيانات. من خلال هذا الدور، أصبحت الرياض في موقع متقدم لصياغة السياسات الدولية، والمشاركة في بناء معايير عالمية تحكم مستقبل البيانات والإحصاءات الرسمية.تحديات إقليميةرغم التقدم السعودي، كشف تقرير حديث للبنك الدولي عن فجوة واضحة في مجال البيانات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأن معظم الاقتصادات النامية تعاني ضعف الشفافية وانخفاض معدلات انفتاح البيانات.في المقابل، تقدم السعودية نموذجًا إصلاحيًا يركز على تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتطوير السياسات، وتوسيع نطاق الانفتاح التدريجي للبيانات، بما يعزز مكانتها كمرجع إقليميًا.أدوات الثقةنجاح السعودية في هذا المجال لا يقوم على الأطر التنظيمية فقط، بل يستند إلى تبني تقنيات متقدمة لحماية الخصوصية وضمان أمن البيانات. وتشمل هذه التقنيات التشفير المتماثل، والخصوصية التفاضلية، والحوسبة متعددة الأطراف، إضافة إلى إنشاء بيئات بيانات آمنة «Sandboxes» تمكّن الباحثين والمطورين من تحليل البيانات دون المساس بسرية الأفراد. هذه الممارسات تسهم في ترسيخ ثقة الجمهور، وبناء جسور تعاون مع القطاع الخاص والمؤسسات البحثية.البيانات ركيزة لقياس الأداءيرتبط التحول السعودي في حوكمة البيانات بشكل مباشر بمستهدفات رؤية 2030، التي جعلت من البيانات ركيزة لقياس الأداء ومتابعة تنفيذ البرامج والمبادرات. فالمملكة تنظر إلى البيانات باعتبارها ثروة استراتيجية لا تقل أهمية عن النفط، قادرة على تغذية الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الابتكار، ودعم قرارات اقتصادية واجتماعية دقيقة. هذا التوجه يجعل السعودية لاعبًا رئيسيًا في الاقتصاد الرقمي عالميًا، وقاطرة للتنمية المستدامة إقليميًا ودوليًا.المستقبل والفرصبينما تتسارع وتيرة التحول الرقمي عالميًا، تبرز السعودية كلاعب محوريًا في صياغة قواعد اللعبة الجديدة للبيانات. ورغم التحديات المرتبطة بالخصوصية، وتبادل البيانات مع القطاع الخاص، وتحديث الأطر القانونية، فإن الفرص هائلة أمام المملكة لتعزيز مكانتها دوليًا.فمن خلال قيادة حوكمة البيانات، تستطيع الرياض أن تبني بيئة إحصائية عالمية آمنة وموثوقة، وتدعم التنمية المستدامة، وتعيد رسم المشهد الرقمي في المنطقة.