بودن يدعو إلى توزيع هياكل الحكم الذاتي لتأكيد وحدة العاصمة وتعزيز الحكامة بالأقاليم الجنوبية

في أعقاب اعتماد مجلس الأمن لقراره الأخير حول الصحراء المغربية وتصويته لصالح مقترح الحكم الذاتي، طرح الأستاذ "محمد بودن"، رئيس مركز أطلس للدراسات الاستراتيجية، مجموعة مقترحات جديدة تهدف إلى تحيين النموذج المؤسساتي للحكم الذاتي وتطوير تفاصيله بما ينسجم مع المرحلة السياسية الحالية.
ومن بين أبرز المقترحات التي تقدم بها "بودن": عدم تركيز مؤسسات وهيئات جهة الحكم الذاتي في مدينة واحدة بالصحراء المغربية، حتى لا يوحي الأمر بوجود أكثر من عاصمة في المغرب الموحد. واقتراح أن تكون مدينة العيون مقرًا للحكومة المحلية بجهة الحكم الذاتي ومقرًا لمؤسسة مندوب الحكومة، مع اقتراح أن تكون الداخلة مقرًا لبرلمان جهة الحكم الذاتي.
في سياق متصل، يرى "بودن" أنه يمكن أن تكون مدن أخرى بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية مقرًا للهيئة القضائية وهيئات الحكامة الخاصة بجهة الحكم الذاتي، مشيرا إلى أنه من شأن هذا التوزيع أن يلبي مختلف التطلعات الديمقراطية والمتطلبات السوسيو–ثقافية بالمنطقة، مع وضع هذه الأفكار رهن تصرف الأحزاب السياسية والنقابات المهنية لتبنيها واعتمادها في مذكراتها المرتقبة.
وتأتي هذه المقترحات استنادًا إلى منطق يقوم على توزيع الوظائف المؤسساتية داخل الأقاليم الجنوبية بشكل متوازن، بدل تركيزها في مدينة واحدة، تجنبًا لأي تأويل قد يمس بوحدة الدولة أو يوحي بوجود عاصمة ثانية غير الرباط. ويستند اقتراح "بودن" اختيار العيون مقرًا للحكومة المحلية ولمندوب الحكومة إلى مكانتها كأكبر مدن الصحراء وما تتوفر عليه من بنية إدارية وتنموية تجعلها مؤهلة لاحتضان الجهاز التنفيذي المرتبط بالحكم الذاتي.
إلى جانب ذلك، يقترح رئيس مركز أطلس للدراسات الاستراتيجية أن تكون الداخلة مقرًا لبرلمان الجهة، لما باتت تضطلع به المدينة من دور اقتصادي واستثماري مهم، إضافة إلى انفتاحها الإقليمي والدولي المتصاعد الذي يعزز مكانتها كمركز تشريعي جهوي محتمل.
كما يشير التصور إلى أهمية فتح الباب أمام مدن أخرى مثل السمارة وكلميم وبوجدور وأسا الزاك لاحتضان مؤسسات قضائية وهيئات حكامة جهوية، بهدف ترسيخ مشاركة مختلفة الأقاليم في البنية المؤسساتية الجديدة، وتعزيز القرب الإداري، وتحقيق توازن مجالي ينسجم مع روح الجهوية المتقدمة التي يعتمدها المغرب.
ويرى الأستاذ بودن أن هذا التوزيع من شأنه ضمان مشاركة أوسع للساكنة، وتوفير خدمات أكثر قربًا، وتفادي أي شكل من أشكال التركيز المؤسساتي الذي قد يحد من فعالية الحكم الذاتي.
ويضع الأستاذ بودن هذه المقترحات رهن إشارة الأحزاب السياسية والنقابات المهنية باعتبارها أرضية جاهزة يمكن اعتمادها ضمن المذكرات المرتقبة، خصوصًا في ظل السياق الوطني الذي يتجه نحو تعزيز الجاهزية المؤسساتية للحكم الذاتي بعد الدعم الدولي المتزايد للمبادرة المغربية. ويُظهر هذا التصور استعدادًا عمليًا لإعادة هيكلة مؤسسات الجهة بشكل يرسخ الوحدة الوطنية و يستجيب لخصوصيات المنطقة، بما يؤكد قدرة المغرب على تفعيل نموذج حكم ذاتي متقدم وواقعي، منسجم مع القرار الأممي الأخير ومع التطورات التي يعرفها الملف على المستوى الدولي.