حقيقة “السجن بسبب عدم تحيين العنوان في البطاقة الوطنية".. توضيحات قانونية تضع النقط على الحروف

بقلم: ذ. محمد الحبشاوي "مدير نشر أخبارنا المغربية"
في الأيام الأخيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تدوينات ومقاطع فيديو تزعم أن كل شخص غيّر محل سكناه دون أن يُحيّن عنوانه في بطاقة التعريف الوطنية، سيُعاقب بالسجن بموجب قانون جديد. هذه المعلومة أثارت موجة من الخوف والتساؤلات بين المواطنين، غير أن الحقيقة مختلفة تماما.
فوفق المعطيات الرسمية، فإن ما صرح به وزير العدل عبد اللطيف وهبي خلال جلسة الأسئلة الشفوية الأخيرة بالبرلمان لا علاقة له بعقوبات حبسية، بل يتعلق بمستجد قانوني ضمن قانون المسطرة الجنائية، سيدخل حيز التنفيذ ابتداءً من 8 دجنبر المقبل، ويهدف إلى إصلاح منظومة التبليغ القضائي وتسريع الإجراءات القضائية.
القانون الجديد ينص على أن العنوان المسجل في البطاقة الوطنية للتعريف يعتبر العنوان القانوني الرسمي المعتمد في كل التبليغات القضائية والإدارية، وبالتالي، إذا تغيّر محل السكنى ولم يقم المواطن بتحديث عنوانه في البطاقة الوطنية، فإن التبليغ الموجه إلى عنوانه القديم يُعتبر تبليغا صحيحا حتى لو لم يتسلمه فعليًا. وفي هذه الحالة، لن يكون بإمكانه الاعتراض على الحكم بدعوى عدم توصله بالاستدعاء، لأن القانون يفترض أن العنوان المسجل هو محل الإقامة المعتمد قانونًا.
من المهم التأكيد أن هذا المستجد لا يتضمن أي عقوبة حبسية أو مالية ضد من لم يُحدّث عنوانه، كما يروج البعض. الهدف من التعديل هو فقط تحميل المواطن مسؤولية قانونية عن عدم التحيين، وتفادي ما كان يحدث سابقا من تلاعب بعض المتقاضين الذين يغيرون محل سكناهم عمدا للتهرب من التبليغ والأحكام.
يهدف هذا الإصلاح إلى تسريع وتبسيط مساطر التبليغ القضائي، والحد من ظاهرة الأحكام الغيابية الناتجة عن التلاعب بالعنوانين، وربط قاعدة بيانات البطاقة الوطنية بكل المعاملات القضائية والإدارية لتفادي الفوضى الإجرائية.
إن انتشار هذه الأخبار الزائفة يعكس حاجة ملحّة إلى حملات تواصلية وتوعوية تشرح للمواطنين مضامين القوانين الجديدة بلغة بسيطة. ففي غياب هذه الحملات، تظل صفحات مجهولة على مواقع التواصل تستغل ضعف الثقافة القانونية لدى بعض المواطنين لنشر المغالطات وخلق البلبلة.
من جهة أخرى، تقع على عاتق وسائل الإعلام والصحافة المهنية مسؤولية توضيح هذه المستجدات القانونية، وفتح المجال أمام الباحثين والخبراء القانونيين لشرحها بدقة بعيدًا عن الإثارة والمبالغة.
وفي المقابل، تبقى مسؤولية المواطن قائمة أيضا، إذ يتوجب عليه التحقق من الأخبار عبر القنوات الرسمية وعدم الانسياق وراء المنشورات المجهولة التي تقتات على “اللايكات” والمشاهدات على حساب وعي المجتمع وثقته في مؤسساته.