قراءات تحليلية تحذر "جيل زاد" من تكرار سيناريو "الثورات الملونة" بالمغرب

أكتوبر 4, 2025 - 15:10
 0
قراءات تحليلية تحذر "جيل زاد" من تكرار سيناريو "الثورات الملونة" بالمغرب

تزامنًا مع موجة الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها عدد من المدن المغربية، بدأت تتصاعد أصوات تحذّر من مخاطر انزلاق هذا الحراك الشبابي نحو مسارات غير محسوبة. فبين من يرى فيه تعبيرًا مشروعًا عن مطالب اجتماعية واقتصادية، هناك من يلفت الانتباه إلى احتمال استغلاله من قوى خارجية تسعى لتكرار سيناريوهات مألوفة عُرفت عالميًا باسم "الثورات الملونة".

هذه التحذيرات لا تأتي من فراغ، بل من قراءة دقيقة للظروف التي تحيط بالمشهد المغربي، ولطريقة تعاطي الإعلام الغربي مع الأحداث الأخيرة.

فعدد من المراقبين لاحظوا أن التغطية الإعلامية المكثفة من قنوات عالمية شهيرة ركزت بشكل لافت على المغرب، بينما تجاهلت في الوقت نفسه احتجاجات وأزمات أكثر دموية في دول أخرى كبرى. وهو ما يراه البعض مؤشراً على وجود "تسخين إعلامي" مقصود، يهدف إلى خلق مناخ ضغط خارجي ضد المملكة.

في سياق متصل، يرى محللون أن هذا الاهتمام المفاجئ لا يرتبط فقط بحقوق الإنسان أو بالوضع الاجتماعي، بل يتجاوز ذلك إلى ملفات اقتصادية وجيوسياسية حساسة. فقد ركزت تحليلات إعلامية دولية عديدة مؤخرًا على المشاريع المغربية الكبرى مثل الموانئ والملاعب والبنى التحتية.. بأسلوب فيه نبرة استنكار أو تشكيك. ويعتبر الخبراء أن هذه الرسائل غير البريئة تعكس قلقًا من صعود المغرب كقوة اقتصادية إقليمية قادرة على المنافسة في إفريقيا والمتوسط.

وفي خضم هذا المشهد، يشدد مراقبون على أن الاحتجاجات الأخيرة، رغم عفويتها، تُظهر ضعفًا في التأطير السياسي وغياب الوساطة الحزبية والنقابية القادرة على توجيهها بوعي ومسؤولية. هذا الفراغ السياسي – كما يقول المتابعون – يجعل الحراك عرضة للاختراق والتوجيه، خاصة في زمن "البيانات الضخمة" حيث يمكن التأثير على الرأي العام بسهولة عبر المنصات الرقمية.

كما يُذكّر هؤلاء بما حدث في دول أخرى، حين تحولت احتجاجات ذات مطالب اجتماعية بسيطة إلى بوابات لتدخلات أجنبية أدت إلى زعزعة الاستقرار وتفكك الدول. فـ"الثورات الملونة" التي اجتاحت أوروبا الشرقية وبعض الدول العربية في العقدين الأخيرين، اعتمدت نفس الوصفات: تأجيج الغضب الشعبي، تضخيم الأخطاء الأمنية، ثم خلق ضغط خارجي باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

في المقابل، أشارت بعض التحليلات إلى أن الدولة المغربية تعاملت مع الاحتجاجات الأخيرة بنوع من التريث والاحترافية، فلم تستخدم الوسائل العنيفة التي تلجأ إليها دول غربية في ظروف مماثلة، واكتفت بمراقبة الوضع وجمع المعلومات لتفادي أي انزلاق. واعتبرت هذه القراءات أن المبالغة في وصف التوقيفات أو المواجهات بأنها "قمع" تخدم فقط أجندات خارجية تسعى لتصوير المغرب كبلد في أزمة.

كما حذر بعض المراقبين من الانسياق وراء الخطابات العاطفية التي تمجد الحراك دون تحليل خلفياته أو فهم أهداف الجهات التي تحاول ركوب موجته. وبحسبهم، النقاش الحقيقي لا يجب أن يظل محصورًا في مطالب "جيل زاد"، بل ينبغي أن يشمل سؤالًا أعمق: من المستفيد من زعزعة الاستقرار في بلد يسعى إلى بناء استقلال اقتصادي واستراتيجي متين؟

في الختام، تؤكد هذه القراءات أن جيل الشباب المغربي، الذي يعيش اليوم زمن التواصل المفتوح والعولمة الرقمية، يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى الوعي واليقظة. فالتاريخ علمنا أن الشعوب التي تُستدرج إلى الفوضى باسم الحرية، هي نفسها التي تدفع الثمن لاحقًا. وبين الحق المشروع في الاحتجاج، وضرورة حماية استقرار الوطن، هناك خيط رفيع يتطلب حكمةً ومسؤوليةً من الجميع.